تلك الشدائد، وبعد الموت يسهل عليه بسببه البقاء في ظلمة القبر وفي عرصة القيامة عند مشاهدة تلك الأهوال.
ثم ذكر بعد ذلك وعيد الكفار فقال: * (والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) *. هذه الآية نص قاطع في أن الخلود ليس إلا للكفار، لأن قوله * (أولئك أصحاب الجحيم) * يفيد الحصر، والمصاحبة تقتضي الملازمة كما يقال: أصحاب الصحراء، أي الملازمون لها.
قوله تعالى * (يا أيهآ الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * وقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في سبب نزول هذه الآية وجهان: الأول: أن المشركين في أول الأمر كانوا غالبين، والمسلمين كانوا مقهورين مغلوبين، ولقد كان المشركون أبدا يريدون أيقاع البلاء والقتل والنهب بالمسلمين، والله تعالى كن يمنعهم عن مطلوبهم إلى أن قوي الإسلام وعظمت شوكة المسلمين فقال تعالى: * (اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم) * وهو المشركون * (أن يبسطوا إليكم أيديهم) * بالقتل والنهب والنفي فكف الله تعالى بلطفه ورحمته أيدي الكفار عنكم أيها المسلمون، ومثل هذا الأنعام العظيم يوجب عليكم أن تتقوا معاصيه ومخالفته. ثم قال تعالى: * (واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * أي كونوا مواظبين على طاعة الله تعالى، ولا تخافوا أحدا في إقامة طاعات الله تعالى.
الوجه الثاني: أن هذه الآية نزلت في واقعة خاصة ثم فيه وجوه: الأول: قال ابن عباس والكلبي ومقاتل: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى بني عامر فقتلوا ببئر معونة إلا ثلاثة نفر: أحدهم عمرو بن أمية الضمري، وانصرف هو وآخر معه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليخبراه خبر القوم، فلقيا رجلين من بني سليم معهما أمان من النبي صلى الله عليه وسلم فقتلاهما ولم يعلما أن معهما أمانا، فجاء قومهما يطلبون الدية، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان