وطريقة الكافرين، وذلك يقتضي أنه تعالى ما ذمهم على طريقة الكفار وإنه غير جائز.
قلنا: إن طريقة الكفار وإن كانت خبيثة إلا أن طريقة النفاق أخبث منها، ولذلك فإنه تعالى ذم الكفار في أول سورة البقرة في آيتين، وذم المنافقين في بضع عشرة آية، وما ذاك إلا أن طريقة النفاق أخبث من طريقة الكفار، فهو تعالى إنما ذمهم لا لأنهم تركوا الكفر، بل لأنهم عدلوا عنه إلى ما هو أخبث منه.
ثم قال تعالى: * (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * واحتج أصحابنا بهذه الآية على قولهم من وجهين: الأول: أن ذكر هذا الكلام عقيب قوله * (مذبذبين) * يدل على أن تلك الذبذبة من الله تعلى، وإلا لم يتصل هذا الكلام بما قبله. والثاني: أنه تصريح بأن الله تعالى تعالى أضله عن الدين. قالت المعتزلة: معنى هذا الإضلال سلب الألطاف، أو هو عبارة عن حكم الله عليه بالضلال، أو هو عبارة عن أن الله تعالى يضله يوم القيامة عن طريق الجنة، وهذه الوجوه قد تكلمنا عليها مرارا.
* (يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) * قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين) *.
أعلم أنه تعالى لما ذم المنافقين بأنهم مرة إلى الكفرة ومرة إلى المسلمين من غير أن يستقروا مع أحد الفريقين نهى المسلمين في هذه الآية أن يفعلوا مثل فعلهم فقال: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين) * والسبب فيه أن الأنصار بالمدينة كان لهم في بني قريظة رضاع وحلف ومودة، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من نتولى؟ فقال: المهاجرين؟ فنزلت هذه الآية.
والوجه الثاني: ما قاله القفال رحمه الله: وهو أن هذا نهي للمؤمنين عن موالاة المنافقين يقول: قد بينت لكم أخلاق المنافقين ومذاهبهم فلا تتخذوا منهم أولياء.
ثم قال تعالى: * (أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا) * فإن حملنا الآية الأولى على أنه تعالى نهى المؤمنين عن موالاة الكفار كان معنى الآية أتريدون