واعلم أنه تعالى تارة يسمي هذه التكاليف عقودا كما في هذه الآية، وكما في قوله * (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان) * (المائدة: 89) وتارة عهودا، قال تعالى: * (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) * (البقرة: 40) وقال: * (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان) * (النحل: 91) وحاصل الكلام في هذه الآية أنه أمر بأداء التكاليف فعلا وتركا. المسألة الثانية: قال الشافعي رحمه الله: إذا نذر صوم يوم العيد أو نذر ذبح الولد لغا، وقال أبو حنيفة رحمه الله: بل يصح. حجة أبي حنيفة أنه نذر الصوم والذبح فيلزمه الصوم والذبح، بيان الأول أنه نذر صوم يوم العيد، ونذر ذبح الولد، وصوم يوم العيد ماهية مركبة من الصوم ومن وقوعه في يوم العيد، وكذلك ذبح الولد ماهية مركبة من الذبح ومن وقوعه في الولد، والآتي بالمركب يكون آتيا بكل واحد من مفرديه، فملتزم صوم يوم العيد وذبح الولد يكون لا محالة ملتزما للصوم والذبح. إذا ثبت هذا فنقول: وجب أن يجب عليه الصوم والذبح لقوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) * ولقوله تعالى: * (لم تقولون ما لا تفعلون) * (الصف: 2) ولقوله * (يوفون بالنذر) * (الإنسان: 7) ولقوله عليه الصلاة والسلام: " فبنذرك " أقصى ما في الباب أنه لغا هذا النذر في خصوص كون الصوم واقعا في يوم العيد، وفي خصوص كون الذبح واقعا في الولد، إلا أن العام بعد التخصيص حجة. وحجة الشافعي رحمه الله: أن هذا نذر في المعصية فيكون لغوا لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا نذر في معصية الله ". المسألة الثالثة: قال أبو حنيفة رحمه الله: خيار المجلس غير ثابت، وقال الشافعي رحمه الله: ثابت، حجة أبي حنيفة أنه لما انعقد البيع والشراء وجب أن يحرم الفسخ، لقوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) * وحجة الشافعي تخصيص هذا العموم بالخبر، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: " المتبايعان بالخيار كل واحد منهما ما لم يتفرقا ". المسألة الرابعة: قال أبو حنيفة رحمه الله: الجمع بين الطلقات حرام، وقال الشافعي رحمه الله: ليس بحرام، حجة أبي حنيفة أن النكاح عقد من العقود لقوله تعالى: * (ولا تعزموا عقدة النكاح) * (البقرة: 235) فوجب أن يحرم رفعه لقوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) * ترك العمل به في الطلقة الواحدة بالإجماع فيبقى فيما عداها على الأصل، والشافعي رحمه الله خصص هذا العموم بالقياس، وهو أنه لو حرم الجمع لما نفذ وقد نفذ فلا يرحم.
قوله تعالى: * (أحلت لكم بهيمة الأنعام) *.