صاحبها من تلك الهفوة لئلا يخل منصبه العظيم في الدين بسبب هذه الهفوة، والله أعلم وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قرىء * (غير أولي الضرر) * بالحركات الثلاث في * (غير) * فالرفع صفة لقوله: * (القاعدون) * والمعنى لا يستوي القاعدون المغايرون لأولي الضرر والمجاهدون، ونظيره قوله: * (أو التابعين غير أولي الأربة) * (النور: 31) وذكرنا جواز أن يكون * (غير) * صفة المعرفة في قوله: * (غير المغضوب) * (الفاتحة: 7) قال الزجاج: ويجوز أن يكون * (غير) * رفعا على جهة الاستثناء، والمعنى لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلا أولي الضرر فإنهم يساوون المجاهدين، أي الذين أقعدهم عن الجهاد الضرر، والكلام في رفع المستثنى بعد النفي قد تقدم في قوله: * (ما فعلوه إلا قليل منهم) * (النساء: 66) و " أما القراءة بالنصل ففيها وجهان. الأول: أن يكون استثناء القاعدين، والمعنى لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر، وهو اختيار الأخفش. الثاني: أن يكون نصبا على الحال، والمعنى لا يستوي القاعدون في حال صحتهم، والمجاهدون، كما تقول: جاءني زيد غير مريض، أي جاءني زيد صحيحا، وهذا قول الزجاج والفراء وكقوله: * (أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد) * (المائدة: 1) وأما القراءة بالجر فعلى تقدير أن يجعل * (غير) * صفة للمؤمنين، فهذا بيان الوجوه في هذه القراءات.
ثم ههنا بحث آخر: وهو أن الأخفش قال: القراءة بالنصب على سبيل الاستثناء أولى لأن المقصود منه استثناء قوم لم يقدروا على الخروج.
روي في التفسير أنه لما ذكر الله تعالى فضيلة المجاهدين على القاعدين جاء قوم من أولي الضرر فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: حالتنا كما ترى، ونحن نشتهي الجهاد، فهل لنا من طريق؟ فنزل * (غير أولي الضرر) * فاستثناهم الله تعالى من جملة القاعدين.
وقال آخرون: القراءة بالرفع أولى لأن الأصل في كلمة * (غير) * أن تكون صفة، ثم أنها وإن كانت صفة فالمقصود والمطلوب من الاستثناء حاصل منها، لأنها في كلتا الحالتين أخرجت أولي الضرر من تلك المفضولية، وإذا كان هذا المقصود حاصلا على كل التقديرين وكان الأصل في كلمة * (غير) * أن تكون صفة كانت القراءة بالرفع أولى.
المسألة الثانية: الضرر النقصان سواء كان بالعمى أو العرج أو المرض، أو كان بسبب عدم الأهبة. المسألة الثالثة: حاصل الآية: لا يستوي القاعدون المؤمنون الأصحاء والمجاهدون في سبيل الله، واختلفوا في أن قوله: * (غير أولي الضرر) * هل يدل على أن المؤمنين القاعدين الأضراء يساوون المجاهدين أم لا؟ قال بعضهم: أنه لا يدل لأنا إن حملنا لفظ * (غير) * على الصفة وقلنا التخصيص