كافرين بالتوراة والإنجيل بل مؤمنين بهما؟ والجواب عنه من وجهين: الأول: أنهم كانوا مؤمنين بهما فقط وما كانوا مؤمنين بكل ما أنزل من الكتب، فأمروا أن يؤمنوا بكل الكتب المنزلة، الثاني: أن إيمانهم ببعض الكتب دون البعض لا يصح لأن طريق الإيمان هو المعجزة، فإذا كانت المعجزة حاصلة في الكل كان ترك الإيمان بالبعض طعنا في المعجزة، وإذا حصل الطعن في المعجزة امتنع التصديق بشيء منها، وهذا هو المراد بقوله تعالى: * (ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا) * (النساء: 150، 151).
السؤال الرابع: لم قال * (نزل على رسوله وأنزل من قبل) *.
والجواب: قال صاحب " الكشاف ": لأن القرآن نزل مفرقا منجما في عشرين سنة بخلاف الكتب قبله.
وأقول: الكلام في هذا سبق في تفسير قوله تعالى: * (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل) * (آل عمران: 3، 4).
السؤال الخامس: قوله * (والكتاب الذي أنزل من قبل) * لفظ مفرد، وأي الكتب هو المراد منه؟ الجواب: أنه اسم جنس فيصلح للعموم.
* (إن الذين ءامنوا ثم كفروا ثم ءامنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا * بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما أمر بالإيمان ورغب فيه بين فساد طريقة من يكفر بعد الإيمان فذكر هذه الآية.