أن يتحابوا " وأما الذين ثبتوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم فكانوا أربعة عشر رجلا، سبعة من المهاجرين، وسبعة من الأنصار، فمن المهاجرين أبو بكر، وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة بن الجراح والزبير بن العوام، ومن الأنصار الخباب بن المنذر وأبو دجانة وعاصم بن ثابت والحرث بن الصمة وسهل بن حنيف وأسيد بن حضير وسعد ابن معاذ، وذكر أن ثمانية من هؤلاء كانوا بايعوه يومئذ على الموت ثلاثة من المهاجرين: علي وطلحة والزبير، وخمسة من الأنصار: أبو دجانة والحرث بن الصمة وخباب بن المنذر وعاصم بن ثابت وسهل ابن حنيف، ثم لم يقتل منهم أحد. وروى ابن عيينة أنه أصيب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو من ثلاثين كلهم يجيء ويجثو بين يديه ويقول: وجهي لوجهك الفداء، ونفسي لنفسك الفداء، وعليك السلام غير مودع.
المسألة الثانية: قوله: * (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان) * هذا خطاب للمؤمنين خاصة يعني الذين انهزموا يوم أحد * (إنما استزلهم الشيطان) * أي حملهم على الزلة. وأزل واستزل بمعنى واحد، قال تعالى: * (فأزلهما الشيطان عنها) * وقال ابن قتيبة: استزلهم طلب زلتهم، كما يقال استعجلته أي طلبت عجلته، واستعملته طلبت عمله.
المسألة الثالثة: قال الكعبي: الآية تدل على أن المعاصي لا تنسب إلى الله، فإنه تعالى نسبها في هذه الآية إلى الشيطان وهو كقوله تعالى عن موسى: * (هذا من عمل الشيطان) * (القصص: 15) وكقول يوسف. (من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) وكقول صاحب موسى: (وما أنسانيه إلا الشيطان) (الكهف: 63).
المسألة الرابعة: أنه تعالى لم يبين أن الشيطان في أي شيء استزلهم، وذلك لأن مع العفو لا حاجة إلى تعيين المعصية، لكن العلماء جوزوا أن يكون المراد بذلك تحولهم عن ذلك الموضع، بأن يكون رغبتهم في الغنيمة، وأن يكون فشلهم في الجهاد وعدو لهم عن الاخلاص، وأي ذلك كان، فقد صح أن الله تعالى عفا عنهم. وروي أن عثمان عوتب في هزيمته يوم أحد، فقال إن ذلك وإن كان خطأ لكن الله عفا عنه، وقرأ هذه الآية.
أما قوله تعالى: * (ببعض ما كسبوا) * ففيه وجهان: أحدهما: أن الباء للالصاق كقولك: كتبت بالقلم، وقطعت بالسكين، والمعنى أنه كان قد صدرت عنهم جنايات، فبواسطة تلك الجنايات قدر الشيطان على استزلالهم، وعلى هذا التقدير ففيه وجوه، الأول: قال الزجاج: انهم لم يتولوا على جهة المعاندة ولا على جهة الفرار من الزحف رغبة منهم في الدنيا، وإنما ذكرهم الشيطان ذنوبا كانت لهم، فكرهوا لقاء الله إلا على حال يرضونها، وإلا بعد الاخلاص في التوبة، فهذا