خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: أنه تعالى بعد بيان سهام المواريث ذكر الوعد والوعيد ترغيبا في الطاعة وترهيبا عن المعصية فقال: * (تلك حدود الله) * وفيه بحثان.
البحث الأول: ان قوله: * (تلك) * إشارة إلى ماذا؟ فيه قولان: الأول: أنه إشارة إلى أحوال المواريث.
القول الثاني: أنه إشارة إلى كل ما ذكره من أول السورة إلى ههنا من بيان أموال الأيتام وأحكام الأنكحة وأحوال المواريث وهو قول الأصم، حجة القول الأول أن الضمير يعود إلى أقرب المذكورات، وحجة القول الثاني أن عوده إلى الأقرب إذا لم يمنع من عوده إلى الأبعد مانع يوجب عوده إلى الكل.
البحث الثاني: أن المراد بحدود الله المقدرات التي ذكرها وبينها، وحد الشيء طرفه الذي يمتاز به عن غيره، ومنه حدود الدار، والقول الدال على حقيقة الشيء يسمى حدا له، لأن ذلك القول يمنع غيره من الدخول فيه، وغيره هو كل ما سواه.
المسألة الثانية: قال بعضهم: قوله: * (ومن يطع الله ورسوله) * وقوله: * (ومن يعص الله ورسوله) * مختص بمن أطاع أو عصى في هذه التكاليف المذكورة في هذه السورة، وقال المحققون: بل هو عام يدخل فيه هذا وغيره، وذلك لأن اللفظ عام فوجب أن يتناول الكل. أقصى ما في الباب ان هذا العام إنما ذكر عقيب تكاليف خاصة، إلا أن هذا القدر لا يقتضي تخصيص العموم، ألا ترى أن الوالد قد يقبل على ولده ويوبخه في أمر مخصوص، ثم يقول: احذر مخالفتي ومعصيتي ويكون مقصوده منعه من معصيته في جميع الأمور، فكذا ههنا والله أعلم.
المسألة الثالثة: قرأ نافع وابن عامر: * (ندخله جنات. ندخله نارا) * بالنون في الحرفين، والباقون بالياء.
أما الأول: فعلى طريقة الالتفات كما في قوله: * (بل الله مولاكم) * ثم قال: * (سنلقى) * بالنون.
وأما الثاني: فوجهه ظاهر.
المسألة الرابعة: ههنا سؤال وهو أن قوله: * (يدخله جنات) * إنما يليق بالواحد ثم قوله بعد