ذلكم) * (آل عمران: 15) بعد ذكر الشهوات. وروي أنه لما قال رؤبة: فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق فقيل له: الضمير في قوله " كأنه " ان عاد إلى الخطوط كان يجب أن تقول: كأنها، وان عاد إلى السواد والبلق كان يجب أن تقول: كأنهما، فقال: أردت كأن ذاك، وفيه وجه آخر وهو أن الصدقات في معنى الصداق لأنك لو قلت: وآتوا النساء صداقهن لكان المقصود حاصلا، وفيه وجه ثالث: وهو أن الفائدة في تذكير الضمير أن يعود ذلك إلى بعض الصداق، والغرض منه ترغيبها في أن لا تهب إلا بعض الصداق.
المسألة الخامسة: معنى الآية: فان وهبن لكم شيئا من الصداق عن طيبة النفس من غير أن يكون السبب فيه شكاسة أخلاقكم معهن، أو سوء معاشرتكم معهن، فكلوه وأنفقوه، وفي الآية دليل على ضيق المسلك في هذا الباب، ووجوب الاحتياط، حيث بنى الشرط على طيب النفس فقال: * (فان طبن) * ولم يقل: فان وهبن أو سمحن، إعلاما بأن المراعى هو تجافي نفسها عن الموهوب طيبة.
المسألة السادسة: الهنئ والمرئ: صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ، إذا كان سائغا لا تنغيص فيه، وقيل: الهنئ ما يستلذه الآكل، والمرئ ما يحمد عاقبته، وقيل: ما ينساغ في مجراه، وقيل: لمدخل الطعام من الحلقوم إلى فم المعدة: المرئ لمروء الطعام فيه وهو انسياغه. وحكى الواحدي عن بعضهم أن أصل الهنئ من الهناء وهو معالجة الجرب بالقطران، فالهنئ شفاء من الجرب، قال المفسرون: المعنى أنهن إذا وهبن مهورهن من أزواجهن عن طيبة النفس لم يكن على الأزواج في ذلك تبعة لا في الدنيا ولا في الآخرة، وبالجملة فهو عبارة عن التحليل، والمبالغة في الإباحة وإزالة التبعة.
المسألة السابعة: قوله: * (هنيئا مريئا) * وصف للمصدر، أي أكلا هنيئا مريئا، أو حال من الضمير أي كلوه وهو هنيء مريء، وقد يوقف على قوله: * (فكلوه) * ثم يبتدأ بقوله: * (هنيئا مريئا) * على الدعاء وعلى أنهما صفتان أقيمتا مقام المصدرين كأنه قيل: هنأ مرأ.
المسألة الثامنة: دلت هذه الآية على أمور: منها: ان المهر لها ولا حق للولي فيه، ومنها جواز هبتها المهر للزوج، وجواز أن يأخذه الزوج، لأن قوله: * (فكلوه هنيئا مريئا) * يدل على المعنيين، ومنها جواز هبتها المهر قبل القبض، لأن الله تعالى لم يفرق بين الحالتين.
وههنا بحث وهو أن قوله: * (فكلوه هنيئا مريئا) * يتناول ما إذ كان المهر عينا، أما إذا كان دينا