تسع، ثم إن الله تعالى أمرنا باتباعه فقال: * (فاتبعوه) * وأقل مراتب الأمر الإباحة. الثاني: أن سنة الرجل طريقته، وكان التزوج بالأكثر من الأربع طريقة الرسول عليه الصلاة والسلام، فكان ذلك سنة له، ثم انه عليه السلام قال: " فمن رغب عن سنتي فليس مني " فظاهر هذا الحديث يقتضي توجه اللوم على من ترك التزوج بأكثر من الأربعة، فلا أقل من أن يثبت أصل الجواز.
واعلم أن معتمد الفقهاء في إثبات الحصر على أمرين: الأول: الخبر، وهو ما روي أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أمسك أربعا وفارق باقيهن، وروي ان نوفل بن معاوية أسلم وتحته خمس نسوة فقال عليه السلام: " أمسك أربعا وفارق واحدة ".
واعلم أن هذا الطريق ضعيف لوجهين: الأول: أن القرآن لما دل على عدم الحصر بهذا الخبر كان ذلك نسخا للقرآن بخبر الواحد وإنه غير جائز. والثاني: وهو أن الخبر واقعة حال، فلعله عليه الصلاة والسلام إنما أمره بامساك أربع ومفارقة البواقي لأن الجمع بين الأربعة وبين البواقي غير جائز، إما بسبب النسب، أو بسبب الرضاع، وبالجملة فلهذا الاحتمال قائم في هذا الخبر فلا يمكن نسخ القرآن بمثله.
الطريق الثاني: وهو إجماع فقهاء الأمصار على أنه لا يجوز الزيادة على الأربع وهذا هو المعتمد، وفيه سؤالان: الأول: أن الاجماع لا ينسخ ولا ينسخ، فكيف يقال: الاجماع نسخ هذه الآية. الثاني: أن في الأمة أقواما شذاذا لا يقولون بحرمة الزيادة على الأربع، والاجماع مع مخالفة الواحد والاثنين لا ينعقد.
والجواب عن الأول: الاجماع يكشف عن حصول الناسخ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الثاني، أن مخالف هذا الاجماع من أهل البدعة فلا عبرة بمخالفته.
فان قيل: فإذا كان الأمر على ما قلتم فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال: مثنى أو ثلاث أو رباع، فلم جاء بواو العطف دون " أو "؟
قلنا: لو جاء بكلمة " أو " لكان ذلك يقتضي أنه لا يجوز ذلك الا على أحد هذه الأقسام، وأنه لا يجوز لهم أن يجمعوا بين هذه الأقسام، بمعنى أن بعضهم يأتي بالتثنية، والبعض الآخر بالتثليث والفريق الثالث بالتربيع، فلما ذكره بحرف الواو أفاد ذلك أنه يجوز لكل طائفة أن يختاروا قسما من هذه الأقسام، ونظيره أن يقول الرجل للجماعة : اقتسموا هذا المال وهو ألف، درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، والمراد أنه يجوز لبعضهم أن يأخذ درهمين درهمين، ولبعض