الإسلام، عشر منها في سورة براءة: * (التائبون العابدون) * (التوبة: 112) إلى آخر الآية، وعشر منها في سورة الأحزاب: * (إن المسلمين والمسلمات) * (الأحزاب: 35) إلى آخر الآية، وعشر منها في المؤمنون: * (قد أفلح المؤمنون) * (المؤمنون: 1) إلى قوله: * (أولئك هم الوارثون) * (المؤمنون: 10) وروى عشر في: * (سأل سائل) * (المعارج: 1) إلى قوله: * (والذين هم على صلاتهم يحافظون) * (المعارج: 34) فجعلها أربعين سهما عن ابن عباس. وثالثها: أمره بمناسك الحج، كالطواف والسعي والرمي والإحرام وهو قول قتادة وابن عباس. ورابعها: ابتلاه بسبعة أشياء: بالشمس، والقمر، والكواكب، والختان على الكبر، والنار، وذبح الولد، والهجرة، فوفي بالكل فلهذا قال الله تعالى: * (وإبراهيم الذي وفى) * (النجم: 37) عن الحسن. وخامسها: أن المراد ما ذكره في قوله: * (إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) * (البقرة: 131). وسادسها: المناظرات الكثيرة في التوحيد مع أبيه وقومه ومع نمرود والصلاة والزكاة والصوم، وقسم الغنائم، والضيافة، والصبر عليها، قال القفال رحمه الله: وجملة القول أن الابتلاء يتناول إلزام كل ما في فعله كلفة شدة ومشقة، فاللفظ يتناول مجموع هذه الأشياء ويتناول كل واحد منها، فلو ثبتت الرواية في الكل وجب القول بالكل، ولو ثبتت الرواية في البعض دون البعض فحينئذ يقع التعارض بين هذه الروايات، فوجب التوقف والله أعلم.
المسألة السادسة: قال القاضي: هذا الابتلاء إنما كان قبل النبوة، لأن الله تعالى نبه على أن قيامه عليه الصلاة والسلام بهن كالسبب لأن يجعله الله إماما، والسبب مقدم على المسبب، فوجب كون هذا الابتلاء متقدما في الوجود على صيرورته إماما وهذا أيضا ملائم لقضايا العقول، وذلك لأن الوفاء من شرائط النبوة لا يحصل إلا بالإعراض عن جميع ملاذ الدنيا وشهواتها وترك المداهنة مع الخلق وتقبيح ما هم عليه من الأديان الباطلة والعقائد الفاسدة، وتحمل الأذى من جميع أصناف الخلق، ولا شك أن هذا المعنى من أعظم المشاق وأجل المتاعب، ولهذا السبب يكون الرسول عليه الصلاة والسلام أعظم أجرا من أمته، وإذا كان كذلك فالله تعالى ابتلاه بالتكاليف الشاقة، فلما وفى عليه الصلاة والسلام بها لا جرم أعطاه خلعة النبوة والرسالة، وقال آخرون: إنه بعد النبوة لأنه عليه الصلاة والسلام لا يعلم كونه مكلفا بتلك التكاليف إلا من الوحي، فلا بد من تقدم الوحي على معرفته بكونه كذلك، أجاب القاضي عنه بأنه يحتمل أنه تعالى أوحى إليه على لسان جبريل عليه السلام بهذه التكاليف الشاقة، فلما تمم ذلك جعله نبيا مبعوثا إلى الخلق، إذا عرفت هذه المسألة فنقول ما قال القاضي: يجوز أن يكون المراد بالكلمات، ما ذكره الحسن من حديث الكوكب والشمس والقمر، فإنه عليه الصلاة والسلام ابتلاه الله بذلك قبل النبوة، أما ذبح الولد والهجرة والنار فكل ذلك كان بعد النبوة، وكذا الختان، فإنه عليه السلام يروي أنه ختن نفسه وكان سنه مائة وعشرين سنة، ثم قال: فإن قامت الدلالة السمعية القاهرة على أن المراد من الكلمات