تكسر وتفلل. وثالثها: القضف وهو الدقة، يقال رجل قضيف، أي: نحيف، لأن القلة من مسببات القطع. ورابعها: القضأة فعلة وهي الفساد، يقال قضئت القربة إذا عفيت وفسدت وفي حسبه قضأة أي عيب، وهذا كله من أسباب القطع أو مسبباته فهذا هو الكلام في مفهومه الأصلي بحسب اللغة.
المسألة الثانية: في محامل لفظ القضاء في القرآن قالوا: أنه يستعمل على وجوه. أحدها: بمعنى الخلق، قوله تعالى: * (فقضاهن سبع سماوات) * يعني خلقهن. وثانيها: بمعنى الأمر قال تعالى: * (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) * (الإسراء: 23). وثالثها: بمعنى الحكم، ولهذا يقال للحاكم: القاضي. ورابعا: بمعنى الإخبار، قال تعالى: * (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) * (الإسراء: 4) أي أخبرناهم، وهذا يأتي مقرونا بإلى. وخامسها: أن يأتي بمعنى الفراغ من الشيء قال تعالى: * (فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين) * (الأحقاف: 29) يعني لما فرغ من ذلك، وقال تعالى: * (وقضى الأمر واستوت على الجودي) * (هود: 44) يعني فرغ من إهلاك الكفار وقال: * (وليقضوا تفثهم) * (الحج: 29) بمعنى ليفرغوا منه، إذا عرفت هذا فنقول: قوله: * (إذا قضى أمرا) * (آل عمران: 47) قيل: إذا خلق شيئا، وقيل: حكم بأنه يفعل شيئا، وقيل: أحكم أمرا، قال الشاعر: وعليهما مسرودتان قضاهما * داود أو صنع السوابغ تبع المسألة الثالثة: اتفقوا على أن لفظ الأمر حقيقة في القول المخصوص، وهل هو حقيقة في الفعل والشأن الحق؟ نعم وهو المراد بالأمر ههنا، وبسط القول فيه مذكور في أصول الفقه.
المسألة الرابعة: قرأ ابن عامر: * (كن فيكون) * (آل عمران: 47) بالنصب في كل القرآن إلا في موضعين: في أول آل عمران: * (كن فيكون * الحق) * (آل عمران: 59، 60) وفي الأنعام: * (كن فيكون قوله الحق) * (الأنعام: 73) فإنه رفعهما، وعن الكسائي بالنصب في النحل ويس وبالرفع في سائر القرآن، والباقون بالرفع في كل القرآن، أما النصب فعلى جواب الأمر، وقيل هو بعيد، والرفع على الاستئناف أي فهو يكون.
المسألة الخامسة: اعلم أنه ليس المراد من قوله تعالى: * (فإنما يقول له كن فيكون) * (آل عمران: 47) هو أنه تعالى يقول له: * (كن) * فحينئذ يتكون ذلك الشيء فإن ذلك فاسد والذي يدل عليه وجوه. الأول: أن قوله: * (كن فيكون) * إما أن يكون قديما أو محدثا والقسمان فاسدان فبطل القول بتوقف حدوث الأشياء على * (كن) * إنما قلنا: إنه لا يجوز أن يكون قديما لوجوه. الأول: أن كلمة * (كن) * لفظة مركبة من الكاف والنون بشرط تقدم الكاف على النون، فالنون لكونه مسبوقا بالكاف لا بد وأن يكون محدثا، والكاف لكونه متقدما على المحدث بزمان واحد يجب أن يكون محدثا. الثاني: أن كلمة * (إذا) * لا تدخل إلا على سبيل الاستقبال، فذلك القضاء لا بد وأن يكون