حركات مراكز الكواكب.
واعلم أن بسبب هذه الحركات المختلفة يعرض لهذه الكواكب أحوال مختلفة. أحدها: أنه يحصل للقمر مثلا أبعاد مختلفة غير مضبوطة بالنسبة إلى هذا العالم والأنواع المضبوطة منها أربعة. الأول: أن يكون القمر على البعد الأقرب من فلك التدوير ومركز التدوير على البعد الأقرب من الفلك الخارج المركز ويقال له البعد الأقرب، وهو الثلاث وثلاثون مرة مثل نصف قطر الأرض بالتقريب. الثاني: أن يكون القمر على البعد الأبعد من فلك التدوير ومركز فلك التدوير على البعد الأقرب من الفلك الخارج المركز وهو البعد الأقرب للأبعد وهو ثلاث وأربعون مرة مثل نصف قطر الأرض. الثالث: أن يكون القمر على البعد الأقرب من فلك التدوير ومركز فلك التدوير على البعد الأبعد من الفلك الخارج المركز وهو البعد الأبعد للأقرب وهو أربعة وخمسون مرة مثل نصف قطر الأرض. الرابع: أن يكون القمر على البعد الأبعد من فلك التدوير ومركز التدوير على البعد الأبعد من الفلك الخارج المركز وهو البعد الأبعد وهو أربعة وستون مرة مثل نصف قطر الأرض، ثم إن ما بين هذه النقط الأربعة الأحوال مختلفة على ما أتى على شرحها أبو الريحان. وثانيها: أن جميع الكواكب مرتبطة بالشمس ارتباطا ما، فأما العلوية فإن بعد مراكزها عن ذرى أفلاك تداويرها أبدا تكون بمقدار بعد مركز الشمس عن مراكز تداويرها وحينئذ تكون محترقة ومتى كانت في الحضيض كانت في مقابلتها وحينئذ تكون مقابلة للشمس وذلك يقارن الشمس في منتصف الاستقامة ويقابلها في منتصف الرجوع وقيل: إن نصف قطر فلك تدوير المريخ أعظم من نصف قطر فلك ممثل الشمس فيلزم أنه إذا كان مقارنا للشمس يكون بعد مركزه عن مركز الشمس أعظم منه إذا كان مقابلا لها، وأما السلفيات فإن مراكز أفلاك تدويرها أبدا يكون مقارنا للشمس فيلزم أن تقارن الشمس الذروة والحضيض في منتصفي الاستقامة، والرجوع غاية بعد كل واحد منهما عن الشمس بمقدار نصف قطر فلك تدويرهما، وهو للزهرة (مه) ولعطارد (كه) بالتقريب وأما القمر فإن مركز الشمس أبدا يكون متوسطا بين بعده الأبعد وبين مركز تدويره ولذلك يقال لبعد مركز تدويره عن البعد الأبعد البعد المضاعف لأنه ضعف بعد مركز تدويره من الشمس فلزم أنه متى كان مركز تدويره في البعد الأبعد، فإما أن يكون مقابلا للشمس أو مقارنا لها، ومتى كان في البعد الأقرب تكون الشمس في تربيعه فلذلك يكون اجتماعه واستقباله في البعد الأبعد وتربيعه مع الشمس في الأقرب.