المرأتان إلى فضول حياض الرعاء فتسقيان غنمهما. (فسقى) موسى لهما. و في صفة ما صنع قولان:
أحدهما: أنه ذهب إلى بئر أخرى عليها صخرة لا يقتلعها إلا جماعة من الناس، فاقتلعها وسقى لهما، قاله عمر بن الخطاب، وشريح.
والثاني: أنه زاحم القوم على الماء، وسقى لهما، قاله ابن إسحاق، والمعنى: سقى غنمهما لأجلهما.
(ثم تولى) أي: انصرف (إلى الظل) و هو ظل شجرة (فقال رب إني لما) اللام بمعنى إلى، فتقديره: إني إلى ما (أنزلت إلي من خير فقير) وأراد بالخير: الطعام. وحكى ابن جرير أنه أسمع المرأتين هذا الكلام تعريضا أن تطعماه. (فجاءته إحداهما) المعنى: فلما شربت غنمهما رجعتا إلى أبيهما فأخبرتاه خبر موسى، فبعث إحداهما تدعو موسى. وفيها قولان:.
أحدهما: الصغرى.
والثاني: الكبرى. فجاءته (تمشي على استحياء) قد سترت وجهها بكم درعها. و في سبب استحيائها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان من صفتها الحياء، فهي تمشي مشي من لم يعتد الخروج والدخول.
والثاني: لأنها دعته لتكافئه، وكان الأجمل عندها أن تدعوه من غير مكافأة.
والثالث: لأنها رسول أبيها.
قوله تعالى: (ليجزيك أجر ما سقيت لنا) قال المفسرون: لما سمع موسى هذا القول كرهه وأراد أن لا يتبعها، فلم يجد بدا للجهد الذي به من اتباعها، فتبعها، فكانت الريح تضرب ثوبها فيصف بعض جسدها، فناداها: يا أمة الله، كوني خلفي ودليني الطريق (فلما جاءه) أي: جاء موسى شعيبا (و قص عليه القصص) أي: أخبره بأمره من حين ولد والسبب الذي أخرجه من أرضه (قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) أي: لا سلطان لفرعون بأرضنا ولسنا في مملكته.
(قالت إحداهما) و هي الكبرى: (يا أبت استأجره) أي: اتخذه أجيرا (إن خير من استأجرت القوي الأمين) أي: خير من استعملت على عملك من قوي على عملك وأدى الأمانة، وإنما سمته قويا، لرفعه الحجر عن رأس البئر، وقيل: لأنه استقى بدلو لا يقلها إلا العدد الكثير من الرجال، وسمته أمينا، لأنه أمرها أن تمشي خلفه. وقال السدي: قال لها شعيب: قد رأيت قوته، فما يدريك بأمانته؟ فحدثته. قال المفسرون: فرغب فيه شعيب، فقال له: (إني أريد أن أنكحك) أي: