قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين (27) قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل (28) قوله تعالى: (فخرج منها) أي: من مصر (خائفا) وقد مضى تفسيره.
قوله تعالى: (نجني من القوم الظالمين) يعني المشركين أهل مصر.
(ولما توجه تلقاء مدين) قال ابن قتيبة: أي: تجاه مدين ونحوها، وأصله: اللقاء، وزيدت فيه التاء، قال الشاعر:
فاليوم قصر عن تلقائك الأمل أي: عن لقائك.
قال المفسرون: خرج خائفا بغير زاد ولا ظهر، وكان بين مصر ومدين مسيرة ثمانية أيام، ولم يكن له بالطريق علم، (فقال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) أي: قصده. قال ابن عباس:
لم يكن له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه. وقال السدي: بعث الله [تعالى] له ملكا فدله، قالوا:
ولم يكن له في طريقه طعام إلا ورق الشجر، فورد ماء مدين وخضرة البقل تتراءى في بطنه من الهزال، والأمة، الجماعة، وهم الرعاة، (يسقون) مواشيهم (ووجد من دونهم) أي: من سوى الأمة (امرأتين) وهما ابنتا شعيب، قال مقاتل: واسم الكبرى: صبورا والصغرى: عبرا (تذودان) قال ابن قتيبة: أي: تكفان غنمهما، فحذف الغنم اختصارا. قال المفسرون: إنما فعلتا ذلك ليفرغ الناس وتخلو لهما البئر، قال موسى: (ما خطبكما) أي: ما شأنكما لا تسقيان؟! (قالتا لا نسقي) وقرأ ابن مسعود، وأبو الجوزاء، وابن يعمر، وابن السميفع: " لا نسقي " برفع النون (حتى يصدر الرعاء) وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر: " يصدر " بفتح الياء وضم الدال، أي: حتى يرجع الرعاء. وقرأ الباقون: " يصدر " بضم الياء وكسر الدال، أرادوا: حتى يرد الرعاء غنمهم عن الماء. والرعاء: جمع راع، كما يقال: صاحب وصحاب. وقرأ عكرمة، وسعيد بن جبير، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: " الرعاء " بضم الراء، والمعنى: نحن امرأتان لا نستطيع أن نزاحم الرجال (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر أن يسقي ماشيته من الكبر، فلذلك احتجنا نحن إلى أن نسقي، وكان على تلك البئر صخرة عظيمة، فإذا فرغ الرعاء من سقيهم أعادوا الصخرة، فتأتي