عينك، فأنزل الله عز وجل: (إنك لا تهدي من أحببت). قال الزجاج: أجمع المفسرون أنها نزلت في أبي طالب.
وفي قوله تعالى: (من أحببت) قولان:
أحدهما: من أحببت هدايته.
والثاني: من أحببته لقرابته.
(ولكن الله يهدي من يشاء) أي: يرشد لدينه من يشاء (و هو أعلم بالمهتدين) أي: بمن قدر له الهدى.
قوله تعالى: (وقالوا إن نتبع الهدى معك) قال ابن عباس في رواية العوفي: هم ناس من قريش قالوا ذلك. وقال في رواية ابن أبي مليكة: إن الحارث بن عامر بن نوفل قال ذلك. وذكر مقاتل أن الحارث بن عامر قال لرسوله الله [صلى الله عليه و آله وسلم]: إنا لنعلم أن الذي تقول حق، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك مخافة أن تتخطفنا العرب لمخالفتنا إياها. والتخطف: الانتزاع بسرعة، فرد الله عليهم قولهم، فقال [تعالى]: (أو لم نمكن لهم حرما) أي: أو لم نسكنهم حرما ونجعله مكانا لهم، ومعنى (آمنا): ذو أمن يأمن فيه الناس، وذلك أن العرب كانت يغير بعضها على بعض، وأهل مكة آمنون في الحرم من القتل والسبي والغارة، أي: فكيف يخافون إذا أسلموا وهم في حرم آمن؟! (يجبى) قرأ نافع: " تجبى " بالتاء، أي: تجمع إليه وتحمل من كل النواحي الثمرات، (رزقا من لدنا) أي: من عندنا (و لكن أكثرهم يعني أهل مكة (لا يعلمون) أن الله [تعالى] هو الذي فعل بهم ذلك فيشكرونه. ومعنى الآية: إذا كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري، فكيف تخافون إذا عبدتموني وآمنتم بي؟! ثم خوفهم عذاب الأمم الخالية فقال [تعالى]:
(وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها) قال الزجاج: " معيشتها " منصوبة باسقاط " في "، والمعنى: بطرت في معيشتها، والبطر: الطغيان في النعمة. قال عطاء: عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام.