عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين (15) قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم (16) قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين (17) (ولما بلغ أشده) قد فسرنا هذه الآية في سورة يوسف، فكلام المفسرين في لفظ الآيتين متقارب، إلا أنهم فرقوا بين بلوغ الأشد وبين الاستواء. و في مدة الاستواء لهم قولان:
أحدهما: أنه أربعون سنة، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد.
والثاني: ستون سنة، ذكره ابن جرير. قال المفسرون: مكث عند أمه حتى فطمته، ثم ردته إليهم، فنشأ في حجر فرعون وامرأته واتخذاه ولدا.
قوله تعالى: (ودخل المدينة) فيها قولان:
أحدهما: أنها مصر.
والثاني: مدينة بالقرب من مصر.
قال السدي: ركب فرعون يوما وليس عنده موسى، فلما جاء موسى ركب في إثره فأدركه المقيل في تلك المدينة. وقال غيره: لما توهم فرعون في موسى أنه عدوه أمر بإخراجه من مدينته، فلم يدخل إلا بعد أن كبر، فدخلها يوما (على حين غفلة من أهلها). في ذلك الوقت أربعة أقوال:
أحدها: أنه كان يوم عيد لهم، وكانوا قد اشتغلوا فيه بلهوهم، قاله علي عليه السلام.
والثاني: أنه دخل نصف النهار، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير.
والثالث: بين المغرب والعشاء، قاله وهب بن منبه.
والرابع: أنهم لما أخرجوه لم يدخل عليهم حتى كبر، فدخل على حين غفلة عن ذكره، لأنه قد نسي أمره، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: (هذا من شيعته) أي: من أصحابه من بني إسرائيل (وهذا من عدوه) أي:
من أعدائه من القبط، والعدو يذكر للواحد وللجميع. قال الزجاج: وإنما قيل في الغائب: " هذا " و " هذا "، على جهة الحكاية للحضرة، والمعنى: أنه إذا نظر إليهما الناظر قال: هذا من شيعته، وهذا من عدوه. قال المفسرون: و كان القبطي كان قد سخر الإسرائيلي ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون (فاستغاثه) أي: فاستنصره، (فوكزه) قال الزجاج: الوكز: أن يضربه بجمع كفه. وقال ابن قتيبة: " فوكزه " أي: لكزه، يقال: وكزته ولكزته ولهزته: إذا دفعته، (فقضى عليه) أي: قتله، وكل شئ فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه. وللمفسرين فيما وكزه به قولان: