والثاني: عوسجة، قاله قتادة، وابن السائب، ومقاتل.
وما بعد هذا قد سبق بيانه إلى قوله [تعالى]: (إنك من الآمنين) أي: من أن ينالك مكروه.
قوله تعالى: (أسلك يدك) أي: أدخلها، (واضمم إليك جناحك) قد فسرنا الجناح في طه إلا أن بعض المفسرين خالف بين تفسير اللفظين، فشرحناه. وقال ابن زيد: جناحه: الذراع والعضد والكف. وقال الزجاج: الجناح هاهنا: العضد، ويقال لليد كلها: جناح. وحكى ابن الأنباري عن الفراء أنه قال: الجناح: العصا. قال ابن الأنباري: الجناح للإنسان مشبه للطائر، ففي حال تشبه العرب رجلي الإنسان بجناحي الطائر، فيقولون: قد مضى فلان طائرا في حاجته، يعنون ساعيا على قدميه، وفي حال يجعلون العضد منه بمنزلة جناحي الطائر، كقوله: " و اضمم يدك إلى جناحك "، وفي حال يجعلون العصا بمنزلة الجناح، لأن الإنسان يدفع بها عن نفسه كدفع الطائر عن نفسه بجناحه، كقوله [تعالى]: (واضمم إليك جناحك من الرهب)، وإنما يوقع الجناح على هذه الأشياء تشبيها واستعارة، كما يقال: قد قض جناح الإنسان، وقد قطعت يده ورجله: إذا وقعت به جائحه أبطلت تصرفه، ويقول الرجل للرجل: أنت يدي ورجلي، أي: أنت من به أصل إلى محابي، قال جرير:
سأشكر أن رددت إلي ريشي * وأنبت القوادم في جناحي وقالت امرأة من العرب ترثي زوجها الأغر:
يا عصمتي في النائبات ويا * ركني الأغر ويا يدي اليمنى لا صنت وجها كنت صائنه * أبدا ووجهك في الثرى يبلى وأما الرهب، فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: " من الرهب " بفتح الراء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " من الرهب " بضم الراء وسكون الهاء. و هي قراءة ابن مسعود، وابن السميفع. وقرأ أبي بن كعب، والحسن، وقتادة: بضم الراء و الهاء. قال الزجاج: الرهب، والرهب بمعنى واحد، مثل الرشد، والرشد. وقال أبو عبيدة: الرهب والرهبة بمعنى الخوف والفرق.
وقال ابن الأنباري: الرهب، والرهب، والرهب، مثل الشغل، والشغل، والشغل، والبخل، والبخل، والبخل، وتلك لغات ترجع إلى معنى الخوف والفرق. وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لما هرب من الحية أمره الله [تعالى] أن يضم إليه جناحه ليذهب عنه الفزع. قال