الكتاب من قبله هم به يؤمنون (52) وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين (53) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون (54) وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين (55) قوله تعالى: (فلما جاءهم) يعني أهل مكة (الحق من عندنا) وهو محمد [عليه السلام] والقرآن [قالوا لولا] أي: هلا (أوتي) محمد من الآيات (مثل ما أوتي موسى) كالعصا واليد. قال المفسرون: أمرت اليهود قريشا أن تسأل محمدا [صلى الله عليه و سلم] مثل ما أوتي موسى، فقال الله تعالى: (أو لم يكفروا بما أوتي موسى) أي: فقد كفروا بآيات موسى، و (قالوا) في المشار إليهم قولان:
أحدهما: اليهود.
والثاني: قريش. (سحران) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " ساحران ".
(تظاهرا) أي: تعاونا. وروى العباس الأنصاري عن أبي عمرو: " تظاهرا " بتشديد الظاء. و فيمن عنوا ثلاثة أقوال:
أحدها: موسى ومحمد، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، فعلى هذا هو من قول مشركي العرب.
والثاني: موسى وهارون، قاله مجاهد، فعلى هذا هو من قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة.
والثالث: محمد وعيسى [عليهما السلام]، قاله قتادة، فعلى هذا هو من قول اليهود الذين لم يؤمنوا بنبينا. و قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " سحران " وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: التوراة والفرقان، قاله ابن عباس، والسدي.
والثاني: الإنجيل والقرآن، قاله قتادة.
والثالث: التوراة والإنجيل، قاله أبو مجلز، وإسماعيل بن أبي خالد. ومعنى الكلام: كل سحر منهما يقوي الآخر، فنسب التظاهر إلى السحرين توسعا في الكلام، (وقالوا إنا بكل كافرون) يعنون ما تقدم ذكره على اختلاف الأقوال، فقال الله تعالى لنبيه (قل) لكفار مكة (فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما) أي: من التوراة والقرآن، (إن كنتم صادقين) أنهما ساحران. (فإن لم يستجيبوا لك) أي: فإن لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن، (فاعلم أنما يتبعون أهواءهم) أي: أن ما ركبوه من الكفر لم يحملهم عليه حجة، وإنما آثروا فيه الهوى (و من أضل)