توقدون (80) أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم (81) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون (82) فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون (83) قوله تعالى: (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة) اختلفوا فيمن نزلت هذه الآية والتي بعدها على خمسة أقوال:
أحدها: أنه العاص بن وائل السهمي، أخذ عظما من البطحاء ففته بيده، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيحيي الله هذا بعدما أرم؟ فقال: " نعم، يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم "، فنزلت هذه الآيات، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنه عبد الله بن أبي ابن سلول، جرى له نحو هذه القصة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أنه أبو جهل بن هشام، وأن هذه القصة جرت له، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والرابع: أنه أمية بن خلف، قاله الحسن.
والخامس: أنه أبي بن خلف الجمحي، وهذه القصة جرت له، قاله مجاهد، وعليه المفسرون.
ومعنى الكلام: التعجب من جهل هذا المخاصم في إنكاره البعث، والمعنى: ألا يعلم أنه مخلوق فيتفكر في بدء خلقه فيترك خصومته؟! وقيل: هذا تنبيه له على نعمة الله عليه حيث أنشأه من نطفة فصار مجادلا.
(وضرب لنا مثلا) في إنكار البعث بالعظم البالي حين فته بيده، وتعجب ممن يقول: إن الله يحييه (و نشي خلقه) أي: نسي خلقنا له، أي: ترك النظر في خلق نفسه إذ خلق من نطفة (قال من يحيي العظام وهي رميم؟!) أي: بالية، يقال: رم العظم، إذا بلي، فهو رميم، لأنه معدول عن فاعله، وكل معدول عن وجهه ووزنه فهو مصروف عن إعرابه كقوله: (و ما كانت أمه بغيا) فأسقط الهاء لأنها مصروفة، عن " باغية "، فقاس هذا الكافر قدرة الله تعالى بقدرة الخلق، فأنكر إحياء العظم البالي لأن ذلك.