زاد المسير - ابن الجوزي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٨
آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما (51) لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شئ رقيبا (52) قوله تعالى: (إنا أحللنا لك أزواجك) ذكر الله تعالى أنواع الأنكحة التي أحلها له، فقال:
(أزواجك اللاتي آتيت أجورهن) أي: مهورهن، وهن اللواتي تزوجتهن بصداق (و ما ملكت يمينك) يعني الجواري (مما أفاء الله عليك) أي: رده عليك من الكفار، كصفية وجويرية، فإنه أعتقهما وتزوجهما (وبنات عمك وبنات عماتك) يعني نساء قريش (وبنات خالك وبنات خالاتك) يعني نساء بني زهرة (اللاتي هاجرن معك) إلى المدينة. قال القاضي أبو يعلى:
وظاهر هذا يدل على من لم يهاجر معه من النساء لم يحل له نكاحها. وقالت أم هانئ: خطبني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فاعتذرت إليه بعذر، ثم أنزل الله تعالى: (إنا أحللنا لك أزواجك) إلى قوله تعالى: (اللاتي هاجرن معك)، قالت: فلم أكن لأحل له، لأني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء، وهذا يدل من مذهبها أن تخصيصه بالمهاجرات قد أوجب حظر من لم تهاجر.
وذكر بعض المفسرين: أن شرط الهجرة في التحليل منسوخ، ولم يذكر ناسخه. وحكى الماوردي في ذلك قولين:
أحدهما: أن الهجرة شرط في إحلال النساء له على الإطلاق.
والثاني: أنه شرط في إحلال قراباته المذكورات في الآية دون الأجنبيات.
قوله تعالى: (وامرأة مؤمنة) أي: وأحللنا لك امرأة مؤمنة (إن وهبت نفسها) لك، (إن أراد النبي أن يستنكحها) أي: إن آثر نكاحها (خالصة لك) أي: خاصة. قال الزجاج: وإنما قال: " إن وهبت نفسها للنبي "، ولم يقل: " لك " لأنه لو قال: " لك "، جاز أن يتوهم أن ذلك يجوز لغير رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كما جاز في بنات العم وبنات العمات. و " خالصة " منصوب على الحال. و للمفسرين في معنى " خالصة " ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المرأة إذا وهبت له نفسها، لم يلزمه صداقها دون غيره من المؤمنين، قاله أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب.
والثاني: أن له أن ينكحها بلا ولي ولا مهر دون غيره، قاله قتادة.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست