ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين (77) قوله تعالى: (إن قارون كان من قوم موسى) أي: من عشيرته، وفي نسبه إلى موسى ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان ابن عمه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عبد الله بن الحارث، وإبراهيم، وابن جريج.
والثاني: ابن خالته، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أنه كان عم موسى، قاله ابن إسحاق.
قال الزجاج: " قارون " اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان " فاعولا " من العربية من " قرنت الشئ " لانصرف.
قوله تعالى: (فبغى عليهم) فيه خمسة أقوال:
أحدها: أنه جعل لبغي جعلا على أن تقذف موسى بنفسها، ففعلت، فاستحلفها موسى على ما قالت، فأخبرته بقصتها، فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه بغى بالكفر بالله تعالى، قاله الضحاك.
والثالث: بالكبر، قاله قتادة.
والرابع: أنه زاد في طول ثيابه شبرا، قاله عطاء الخراساني، وشهر بن حوشب.
والخامس: أنه كان يخدم فرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، حكاه الماوردي. وفي المراد بمفاتحه قولان:
أحدهما: أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، قاله مجاهد، وقتادة. وروى الأعمش عن خيثمة قال: كانت مفاتيح قارون وقر ستين بغلا، وكانت من جلود، كل مفتاح مثل الأصبع.
والثاني: أنها خزائنه، قاله السدي، وأبو صالح، والضحاك. قال الزجاج: وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله، وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة. قال أبو صالح: كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلا.
قوله تعالى: (لتنوء بالعصبة) أي: تثقلهم وتميلهم. ومعنى الكلام: لتنيء العصبة، فلما دخلت الباء في " العصبة " انفتحت التاء، كما تقول: هذا يذهب بالأبصار، وهذا يذهب الأبصار، وهذا اختيار الفراء، وابن قتيبة والزجاج في آخرين. وقال بعضهم: هذا من المقلوب، وتقريره: ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه، كما يقال: إنها لتنوء بها عجيزتها، أي: هي تنوء بعجيزتها، وأنشدوا: