دعنا نكن أنصار الله مرتين يعني في الدفع عنه مع الدفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه من ذلك فأتاه عبد الله بن عمر متدرعا فكفه طمعا في أن ينصرف القوم ثانية كما انصرفوا في الأول أو في أن يلحق به من البلاد من يدفع عنه غير الصحابة وكره أن يتحدث عنه في أمصار المسلمين وغيرها أن قوما قصدوا بابه لرفع ظلامه فقتلهم وناصبهم الحرب ولقد طمع فيما يطمع فيه مثله وأحسن السيرة والتدبير في الكف عنهم والأمر بذلك.
وليس يجوز أن يعتقد فيه أنه أقعدهم عن الدفع عنه مع غلبة ظنه بأنه يقتل لا محالة وأن القوم يقصدون نفسه دون إشكائه وإزالة الظلامة لأن ذلك خطأ من فعله لو وقع وكذلك فلا يجوز أن يظن بالصحابة ولا بأحد منهم أنهم قعدوا عنه وتركوا الاعتراض عليه في أمره لهم بالكف مع ظنهم وتوهمهم أنه سيقتل لأن ذلك إجماع منه ومنهم على الخطأ وإنما قدروا أن القوم ينصرفون فأطاعوه في أمره وإنما تهجموا على داره غلسا بسحر ولو فعلوا ذلك بمحضر الصحابة أو بعضهم لندرت الرؤوس عن كواهلها دون الوصول إليه ولم يعدم النصرة على كل حال من كافتهم أو الأكثرين منهم عددا.
وأما قولهم إنه بقي ملقى على المزبلة ثلاثة أيام فكذب من راويه وطعن على السلف وسائر الأمة بل قد وردت الروايات أنه دفن من يومه وحمل من داره إلى بقيع الغرقد وهذا أظهر وأليق بمثل الصحابة. وهذا جمل تنبىء عن ظلم القوم وعدولهم عن الحق فيما جروا إليه.