تسليمه إليهم ليتحكموا فيه فلو أنه أيضا اعترف بالكتاب لم يحل دمه ولو حل أيضا دمه لم تكن إقامة الحد لهم ولم يجز لإمام المسلمين أن يمكنهم من إقامة الحدود وهم رعاع ليس إليهم هذا الشأن ولا هم بمأمونين عليه. وعلى أنه لو ثبت أن عثمان ومروان كتبا الكتاب لم يكن ذلك بذنب لهما لأن أولئك القوم كانوا مستحقين له لسعيهم على عثمان وحصرهم له واستنفار الناس عليه وشتمه وتحصيبه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنعه الماء واستخفافهم بسلطان الله وحصرهم الصحابة في منازلهم وتقدم الغافقي على سائرهم واستيلائهم على المدينة وبدون هذه الأفعال يكتب بما كتب به عثمان فليت القوم انصرفوا وليت الكتاب وصل فإنه لم يكن والله أعلم يجري ما جرى من قتل عثمان وما أثمر من سفك الدماء بعده وما نحن في بقيته إلى اليوم فإن قتل أولئك كان من الصلاح في الدين وتمكينهم ما حاولوه من أعظم الفساد وقد أعقب من الشتات والفرقة وسوء العاقبة ما لا ينقطع في غالب الظن إلى يوم القيامة.
(٥٤٠)