وأما قولهم إنه حرق المصاحف فإنه غير ثابت ولا مما يلزم قلوبنا العلم به ولو ثبت لوجب أن يحمل على أنه حرق مصاحف قد أودعت ما لا تحل قراءته وقد خرج عن أن يكون قرآنا بإفساد نظمه وإحالة معناه في الجملة فإنه إمام من أهل العلم غير معاند للنبي صلى الله عليه وسلم ولا طاعن على التنزيل. هذا هو المعلوم من أمره فيجب أن يكون حرق ما يجب إحراقه.
ولذلك ما لم يرو عن أحد من الصحابة أنه قال له قد عصيت الله وأذللت الدين بإحراق مصاحف لا يحل إحراقها. وقد شاهد القوم من ذلك وعرفوا ما ذهب علينا معرفة كنهه وقد ثبت عدالة عثمان وطهارته فلا متعلق في ذلك.
وأما تعلقهم بأنه حمى الحمى فلا حجة فيه لأن إبل الصدقة وماشيتها كثرت واتسعت وكثرت الخصومات بين رعاة ماشية الصدقة وحفاظها وقتلوا أرباب المواشي فحسم مادة الفتنة ووسع الحمى وقد حمى أبو بكر وعمر فلم ينكر ذلك أحد ولا نقمه ولا عده من معاصيهما فلا تعلق في ذلك وأما تعلقهم بأنه نفى أبا ذر إلى الربذة فباطل لأن أبا ذر اختار الخروج إليها لما خيره عثمان وكره المقام في المدينة فلا عتب على عثمان ولو صح أنه أبعده عن المدينة لم يكن بذلك مأثوما ولوجب حمل فعله على العدل والصحة حتى يقوم دليل على ظلمه وتعديه وقد ذكر الناس أن أبا ذر كان