أظهر وأبين من أن نحتاج فيه إلى إقامة الدليل على ظلم فاعله وتعديه.
وعلى أن ذلك أجمع لو وجب عليه وكان من حدود الله تعالى في شريعة لم يكن لهؤلاء القوم توليه وإقامته وإنما ذلك إلى سلطان المسلمين ولا أقل من أن يكون للأماثل منهم أهل الحل والعقد ومن يقدر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون من ذكرناه.
وكل من ادعي عليه قتله من الصحابة فقد كذب عليه وأضيف إليه ما ليس منه بسبيل كعلي وطلحة والزبير رضوان الله عليهم وما من هؤلاء أجمع أحد إلا وقد أظهر المطالبة بدمه ولعن قتلته وأظهر البراءة منهم والتأسف على ألا يمكنه إقامة الحق عليهم. وهذا ظاهر معلوم من حال علي وطلحة والزبير وما وراء ذلك إنما هو من الشواذ وأخبار الآحاد ولا يحل لمسلم اتقى الله وعرف قدر الصحابة أن يضيف إلى أحد منهم قتل عثمان والرضا به والخذلان له مع دعائه إلى نصرته والدفع عنه بأخبار آحاد يعارضها مثلها تارة وما هو أقوى منها أخرى ويكون الظاهر من قول علي وطلحة والزبير بخلافها وفي نقيضها لأن الظاهر المعلوم لا يترك لروايات غير معلومة بل لو لم يظهر منهم مثل هذا لكانت مثل هذه الأخبار مدفوعة بما ورد من أمثالها في نقيضها ومعارضتها وكيف يجوز لذي علم ودين أن يضيف إلى أدون الصحابة بعض ما يوجب الفسق من قتل عثمان أو التأليب عليه أو خذلانه بروايات لا تساوي مدادها ولا الاشتغال بالإصغاء إليها وقد ظهر عدوان من ذكرناه عليه وتوليه لقتله وفي ذلك يقول الشاعر:
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل التجيبي الذي جاء من مصر وذكر أيضا محمد بن أبي بكر وغيره في أشعار كثيرة مشهور وقد ذكرناها في غير هذا الكتاب.