الآخرة لأزال عنه الحد في الدنيا. فلما لم يزل ذلك عنه بطل ما قلتم.
قيل لهم لم قلتم ذلك؟.
ثم يقال لهم ولو كان مع التائب المنيب ما يستحق عليه الثواب في الآخرة لاستحق به إزالة العقاب والحدود في الدنيا. فلما كان التائب عندنا وعندهم مقطوعا ومحدودا مع توبته بطل أن يكون من أهل التعظيم والثواب في الآخرة.
فإن قالوا إنما لم تزل التوبة قطع التائب وحده وتعمل في إحباطه لأجل أن قطعه وإقامة الحدود عليه ليس بعقاب وإهانة وإنما هو محنة من الله عز وجل له. وليس يجب أن تؤثر التوبة في إزالة المحن التي ليست بنكال ولا عقاب.
قيل لهم وكذلك قطع المؤمن الموحد المصدق لله ولرسوله ليس بعقاب ولا نكال وإنما هو امتحان من الله: وإنما المراد بقوله «نكالا من الله» إن كانا مستحلين للزنى وممن قد حكم بعقابهما في الآخرة فلذلك لم يزل إيمانه وولايته قطعه وحده.
ثم يقال لهم لو لم يكن مع المؤمن ما يستحق به ثوابا في الآخرة لبطلت موارثته ومناكحته وحرمت زيارته وعيادة مريضه ودفنه في مقابر المسلمين. فلما لم يزل ذلك علمنا أنه من أهل الثواب في الآخرة.
فإن قالوا جميع هذا ليس يدل على أن المفعول به ما وصفتم من أهل الثواب لأن جميع هذه الأحكام تجرى على المنافقين وليسوا بها مثابين.