وهذا كما تعبدنا بلعن من ظهر منه كلمة الكفر في دار الحرب والحكم عليه بأنه عدو لله بشريطة أن كان معتقدا للكفر وكان ظاهره كباطنه وكما أمر عندكم بلعن من أظهر الفسق وذمه والبراءة منه إذا لم تعلم توبته بشريطة أن لا يكون قد تاب وندم. وكذلك تعبدنا الله بلعن شهود الزنى والبراءة منهم إذا اختلفت شهادتهم وقصر عددهم والحكم بفسقهم إن كانوا عند الله كذبه لا على الإطلاق.
وكذلك قر أمرنا بموالاة من أظهر لنا الإيمان وتوليه بشريطة أن يكون عند الله معتقدا لذلك وإذا كان هكذا بطل ما قلتم. لأن الله تعالى إن كان قد علم أنه سيغفر للفاسق الملي ويشفع فيه نبيه فليس بملعون عنده ولا عدو له.
فأما إن كان في المعلوم أنه سيعاقبه فإن معنى عداوة الله له أنه أراد عقابه على ذنبه وهو أيضا موال له على إيمانه لأنه مريد لإثباته.
وليس بمستحيل أن يريد الله عقاب الفاسق في وقت وإثابته في وقت آخر كما أنه ليس بمحال أن يريد الإنسان عقاب ولده على ذنبه فيريد أيضا تبجيله وإثابته على عمله الجميل وحسن طاعته فيما فيه وإنما تمتنع وتتضاد العداوة والولاية من وجه واحد وعلى عمل واحد. وقد