فاعله فليس بقبيح. قال الله تعالى «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» ثم قال تعالى «والله يحب المحسنين» يعني الواهبين لما استحقوه بما جني عليهم. وقال «وأن تعفوا أقرب للتقوى» وقال «وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا» وكيف لا تجوز هبة الحق لمن يملك أخذه وتركه فدل جميع ما وصفناه على صحة عفو الله تعالى عن سائر المذنبين وجواز ذلك منه لو لم يرد الخبر بأنه لا بد أن يعاقب بعضهم.
فإن قال فما يؤمنكم أن يغفر الله لسائر الكفرة أو لبعضهم وإن كان قد قدم وعيده لهم بالنار؟.
قيل له يؤمن من ذلك توقيف النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين الذين لا يجوز عليهم الخطأ أن الله لا يغفر لهم ولا لأحد منهم. لأن الأمة بأسرها نقلت عن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم وهم حجة وأهل تواتر أنهم علموا من دينه ضرورة أن جميع الكفار في النار خالدين فيها وعرفوا قصده إلى إستغراق الوعيد لجميعهم وإرادته لكلهم وأن الله يفعل ذلك بسائرهم. ولولا هذا الإجماع والتوقيف الذي اضطررنا إليه لجاز العفو عما سألت عنه.