لا يوجد من جنسه في ذلك الوقت إلا ما كان متحركا ألا ترى أن السواد إذا كان سوادا لنفسه لم يجز أن يوجد من جنسه ما ليس بسواد وفي العلم بأنه قد يوجد من جنس الجواهر والأجسام المتحركة ما ليس بمتحرك دليل على أن المتحرك فيها ليس بمتحرك لنفسه وأنه للحركة كان متحركا.
ومما يدل على ذلك علمنا بأن الإنسان تارة يقدر على التحرك ويعجز عنه أخرى وقد ثبت أنه لا بد لقدرته من تعلق بمقدور وكذلك القديم تعالى يقدر عند الموحدين وعند من أثبته من الملحدين النافين للأعراض على تحريك الجسم تارة وعلى تسكينه أخرى فلا يخلو أن يكون مقدور القدرة على تحريك الجسم هو إحداث الجسم وإيجاده أو إحداث معنى فيه أو إعدامه أو إعدام معنى منه أو لا لنفسه أو لمعنى تعلق بنفسه.
ويستحيل أن تكون القدرة على ذلك لا تعلق لها بمقدور كما يستحيل وجود علم لا تعلق له بمعلوم وذكر لا تعلق له بمذكور.
ويستحيل أن يكون مقدور القدرة هو إيجاد الجسم وإحداثه لأنه إنما يتحرك في الثاني من حال وجوده مع استحالة حدوثه وتجدده في ذلك الوقت ولأن ذلك إن كان كذلك فقد صح وثبت حدوث الجسم وهذا هو الذي نبتغيه بإثبات الأعراض.
وإن قيل يستحيل أن يكون مقدور القدرة إعدام معنى من الجسم لأن ذلك المعنى لا يخلو أن يكون جسما أو عرضا فإن كان جسما أقروا بجواز عدم الجسم وصح بذلك حدوثه لاستحالة عدم القديم عندنا وعندهم وذلك