ما أردناه وإن كان عرضا فقد أقروا بوجود الأعراض وعدمها بعد الوجود وهذا ما رمنا إثباته ولأن عدم معنى من الجسم ليس بشيء يحدث ولا يكتسب فمحال تعلق القدرة بما ليس بمعنى يحدث ويكتسب فبطل هذا القول. ولأن الجسم لو تحرك في جهة بعينها وإلى محاذاة بعينها لعدم معنى منه مع صحة تحركه مع عدم ذلك المعنى إلى غير تلك الجهة والمحاذاة لم يكن بأن يتحرك إلى الجهة والمحاذاة التي تحرك إليها أولى من تحركه إلى غيرها وفي العلم بكونه أولى بالتحرك إلى ما تحرك إليه وأحق به في ذلك الوقت دليل على بطلان هذا القول. ولأن الجسم أيضا لو تحرك لعدم معنى منه لم يكن هو بالتحرك أولى من غيره من الأجسام لأن ذلك المعنى الذي عدم منه ليس هو فيه ولا في غيره فيجب لذلك تحرك كل ما ليس فيه ذلك المعنى وفي العلم ببطلان هذا دليل على فساد هذا القول.
ويستحيل أيضا أن يكون مقدور القدرة على تحريك الجسم ما ليس هو نفس الجسم ولا معنى سواه لأن ما ليس هو نفسه ولا معنى غيره ليس بشيء يصح أن يكون حادثا أو مكتسبا فبطل أيضا هذا الوجه وصح بذلك أن قدرة القادر على تحريك الجسم قدرة على فعل معنى فيه أو اكتسابه وهذا هو معنى قولنا إن المتحرك كان متحركا بالفاعل. ويدل على أن قدرة الإنسان على المتحرك لا يجوز أن تكون قدرة على نفسه علمنا وهم باستحالة كون الإنسان فاعلا للأجسام وأنه لو صح ذلك وأن يقدر على نفسه لصح أن يقدر على مثله ومما يدل أيضا على أنه لا يجوز أن يكون المتحرك متحركا لا لنفسه ولا لعلة أن ذلك لو كان كذلك لصار قولنا فيه إنه متحرك لقبا لا فائدة تحته ولجرى مجرى تسميتنا زيدا زيدا وذلك باطل ولأن ذلك لو كان كذلك لم يكن هو بالتحرك أولى من غيره ولخرج قولنا متحرك عن أن يكون له مثبتا