متوعدا ولا مرعبا ولا مخبرا. وفي إجماع الأمة على أن الله تبارك وتعالى آمر لخلقه في هذا الوقت بطاعته وناه لهم عن معصيته وأنه متكلم بالأمر والنهي لخلقه دليل على أنه لا يجوز أن يكون متكلما بكلام عرض مخلوق لأن الدلالة قد دلت على استحالة بقاء الأعراض.
دليل آخر: وهو أن كلام الله تعالى لو كان مخلوقا لكان من جنس كلام المخلوقين وغير خارج عن حروف المعجم. ولوجب أن تكون الألف منه مثل الألف من كلامنا. وكذلك الدال والواو وغيرها من الحروف.
ولوجب أن يكون الخلق قادرين على مثله وما هو من جنسه من حيث صحت قدرتهم على ضروب الكلام الذي لا تخرج جملته من حروف المعجم.
وقد أكذب الله تعالى من قال ذلك حيث يقول: «قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله». وأبطل قول من قال «إن هذا إلا قول البشر» وسحر يؤثر وإنه أساطير الأولين.
والمعتزلة تزيد على ذلك أجمع لأنهم يقولون إنهم يقدرون على ما هو أفصح وأحسن وأوجز من كلام الله وإن القدرة على الخطابة والنثر والنظم وضروب كلام البشر هي القدرة على مثل كلام الله تعالى.
فيقال لهم: فما يؤمننا أن يأتي بمثله وبما هو أفصح منه بعض البشر إذا قصد ذلك وتوفرت دواعيه على التعمق في طلب العلم بنظمه؟