كلها في الصحة والفساد فيبطل الدليل أحد القسمين فيقضي العقل على صحة ضده وكذلك إن أفسد الدليل سائر الأقسام صحح العقل الباقي منها لا محالة نظير ذلك علمنا باستحالة خروج الشيء عن القدم والحدث فمتى قام الدليل على حدثه بطل قدمه ولو قام على قدمه لأفسد حدثه.
ومنها أن يجب الحكم والوصف للشيء في الشاهد لعلة ما فيجب القضاء على أن من وصف بتلك الصفة في الغائب فحكمه في أنه مستحق لها لتلك العلة حكم مستحقها في الشاهد لأنه يستحيل قيام دليل على مستحق الوصف بتلك الصفة مع عدم ما يوجبها وذلك كعلمنا أن الجسم إنما كان جسما لتأليفه وأن العالم إنما كان عالما لوجود علمه فوجب القضاء بإثبات علم كل من وصف بأنه عالم وتأليف كل من وصف بأنه جسم أو مجتمع لأن الحكم العقلي المستحق لعلة لا يجوز أن يستحق مع عدمها ولا لوجود شئ يخالفها لأن ذلك يخرجها عن أن تكون علة للحكم.
ومن ذلك أن يستدل بصحة الشيء على صحة مثله وما هو في معناه وباستحالته على استحالة مثله وما كان بمعناه كاستدلالنا على إثبات قدرة القديم سبحانه على خلق جوهر ولون مثل الذي خلقه وإحياء ميت مثل الذي أحياه وخلق الحياة فيه مرة أخرى بعد أن أماته وعلى استحالة خلق شئ من جنس السواد والحركات لا في مكان في الماضي كما استحال ذلك في جنسهما الموجود في وقتنا هذا.
وقد يستدل بتوقيف أهل اللغة لنا على أنه لا نار إلا حارة ملتهبة ولا إنسان إلا ما كانت له هذه البنية على أن كل من خبرنا من الصادقين بأنه رأى