قدمت أيديهم) فأخبر أنهم إن تمنوا الموت ماتوا وأنهم لن يتمنوه فلم يتمنوه على ما أخبر به علما منهم بصدقه وأنهم لو تمنوا الموت لماتوا لا محالة.
وكذلك امتنع النصارى عن مباهلته عند دعائه لهم إليها ومطالبته بها في قوله تعالى: «فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» فامتنعوا عن المباهلة خوفا من النكال وأليم العقاب وأن ينزل بهم ما توعدهم به وليس ذلك إلا لعلمهم بصدقه وثبوت نبوته ومن أخبار الغيوب قوله تعالى: «ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون» فغلبت الروم فارس في بضع السنين كما أخبر تعالى في نظائر هذا مما يكثر تتبعه واتفاق الصواب في هذا أجمع على سبيل التخمين والظن ممتنع متعذر فدل ذلك على أنه من أخبار علام الغيوب سبحانه.
والوجه الآخر ما عليه القرآن من قصص الأولين وسير الماضين وأحاديث المتقدمين وذكر ما شجر بينهم وكان في أعصارهم مما لا يجوز حصول علمه إلا لمن كثر لقاؤه لأهل السير ودرسه لها وعنايته بها ومجالسته لأهلها وكان ممن يتلوا الكتب ويستخرجها مع العلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلو كتابا ولا يخطه بيمينه وأنه لم يكن ممن يعرف بدراسة الكتب