علم بهم طعمة، أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلما تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه، فسبوه، وقال: أتخونونني؟ فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على بيت أبي مليل، فإذا هم بالدرع، وقال طعمة: أخذها أبو مليل. وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله (ص) فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي.
فأتاه أناس من الأنصار فقالوا: يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب اليهودي! فهم رسول الله (ص) أن يفعل، فأنزل الله عليه: * (ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله) * مما أردت * (إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما) *. ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه، فقال: * (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) * يقول: يقولون ما لا يرضى من القول، * (ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة) *. ثم دعا إلى التوبة، فقال: * (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) *. ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليل فقال: * (ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه... ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا) *. ثم ذكر الأنصار وإتيانهم إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقوله: * (لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة) * يقول: النبوة. ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة، فقال: * (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) *.
فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن، هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه. ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فنقب بيت الحجاج فأراد أن يسرقه، فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقة جلود كانت عنده، فنظر فإذا هو بطعمة، فقال: ضيفي وابن عمي وأردت أن تسرقني؟! فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا، وأنزل الله فيه: * (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) *... إلى: * (وساءت مصيرا) *.