واختلف أهل التأويل في الطائفة المأمورة بأخذ السلاح، فقال بعضهم: هي الطائفة التي كانت تصلي مع رسول الله (ص)، قال: ومعنى الكلام: * (وليأخذوا) * يقول: ولتأخذ الطائفة المصلية معك من طوائفهم * (أسلحتهم) *، والسلاح الذي أمروا بأخذه عندهم في صلاتهم كالسيف يتقلده أحدهم والسكين والخنجر يشده إلى درعه وثيابه التي هي عليه ونحو ذلك من سلاحه.
وقال آخرون: بل الطائفة المأمورة بأخذ السلاح منهم، الطائفة التي كانت بإزاء العدو ودون المصلية مع رسول الله (ص)، وذلك قول ابن عباس.
حدثني بذلك المثنى، قال: ثنا أبو صالح، ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: * (فإذا سجدوا) * يقول: فإذا سجدت الطائفة التي قامت معك في صلاتك تصلي بصلاتك، ففرغت من سجودها. * (فليكونوا من ورائكم) * يقول: فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدو في المكان الذي فيه سائر الطوائف التي لم تصل معك ولم تدخل معك في صلاتك.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) * فقال بعضهم: تأويله: فإذا صلوا ففرغوا من صلاتهم فليكونوا من ورائكم.
ثم اختلف أهل هذه المقالة، فقال بعضهم: إذا صلت هذه الطائفة مع الامام ركعة، سلمت وانصرفت من صلاتها حتى تأتي مقام أصحابها بإزاء العدو ولا قضاء عليها، وهم الذين قالوا: عنى الله بقوله: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) *: أن تجعلوها إذا خفتم الذين كفروا أن يفتنوكم ركعة. ورووا عن النبي (ص) أنه صلى بطائفة صلاة الخوف ركعة ولم يقضوا، وبطائفة أخرى ركعة ولم يقضوا. وقد ذكرنا بعض ذلك فيما مضى وفيما ذكرنا كفاية عن استيعاب ذكر جميع ما فيه.
وقال آخرون منهم: بل الواجب كان على هذه الطائفة التي أمرها الله بالقيام مع نبيها إذا أراد إقامة الصلاة بهم في حال خوف العدو إذا فرغت من ركعتها التي أمرها الله أن تصلي مع النبي (ص) على ما أمرها به في كتابه أن تقوم في مقامها الذي صلت فيه مع رسول الله (ص)،