فتصلى لأنفسها بقية صلاتها وتسلم، وتأتي مصاف أصحابها، وكان على النبي (ص) أن يثبت قائما في مقامه حتى تفرغ الطائفة التي صلت معه الركعة الأولى من بقية صلاتها، إذا كانت صلاتها التي صلت معه مما يجوز قصر عددها عن الواجب الذي على المقيمين في أمن، وتذهب إلى مصاف أصحابها، وتأتي الطائفة الأخرى التي كانت مصافة عدوها، فيصلي بها ركعة أخرى من صلاتها.
ثم هم في حكم هذه الطائفة الثانية مختلفون، فقالت فرقة من أهل هذه المقالة: كان على النبي (ص) إذا فرغ من ركعتيه ورفع رأسه من سجوده من ركعته الثانية أن يقعد للتشهد، وعلى الطائفة التي صلت معه الركعة الثانية ولم تدرك معه الركعة الأولى لاشتغالها بعدوها أن تقوم فتقضى ركعتها الفائتة مع النبي (ص)، وعلى النبي (ص) انتظارها قاعدا في تشهده حتى تفرغ هذه الطائفة من ركعتها الفائتة وتتشهد، ثم يسلم بهم.
وقالت فرقة أخرى منهم: بل كان الواجب على الطائفة التي لم تدرك معه الركعة الأولى إذا قعد النبي (ص) للتشهد أن تقعد معه للتشهد فتتشهد بتشهده، فإذا فرغ النبي (ص) من تشهده سلم، ثم قامت الطائفة التي صلت معه الركعة الثانية حينئذ، فقضت ركعتها الفائتة. وكل قائل من الذين ذكرنا قولهم روى عن رسول الله (ص) أخبارا كما قال فعل.
ذكر من قال: انتظر النبي (ص) الطائفتين حتى قضت صلاتهما ولم يخرج من صلاته إلا بعد فراغ الطائفتين من صلاتهما:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا مالك، عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمن صلى مع النبي (ص) صلاة الخوف يوم ذات الرقاع: أن طائفة صفت مع رسول الله (ص) وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم، ثم جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم، ثم ثبت جالسا، فأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.