حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: * (والصاحب بالجنب) *: الذي يلصق بك وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك.
والصواب من القول في تأويل ذلك عندي: أن معنى: * (والصاحب بالجنب) *:
الصاحب إلى الجنب، كما يقال: فلان بجنب فلان وإلى جنبه، وهو من قولهم: جنب فلان فلانا فهو يجنبه جنبا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل، إذا قاد بعضها إلى جنب بعض. وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر، والمرأة، والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاء نفعه، لان كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه، وقد أوصى الله تعال بجميعهم لوجوب حق الصاحب على المصحوب. وقد:
حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: ثنا ابن أبي فديك، عن فلان بن عبد الله، عن الثقة عنده: أن رسول الله (ص) كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النبي (ص) وسلم في غيضة طرفاء، فقطع فصيلين أحدهما معوج والآخر معتدل، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج، فقال الرجل:
يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أنت أحق بالمعتدل مني! فقال: كلا يا فلان، إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ولو ساعة من نهار.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حياة، قال: ثني شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي (ص)، قال: إن خير الأصحاب عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره.
وإن كان الصاحب بالجنب معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كل من جنب رجلا يصحبه في سفر أو نكاح أو انقطاع إليه واتصال به، ولم يكن الله جل ثناؤه خص بعضهم مما احتمله ظاهر التنزيل، فالصواب أن يقال: جميعهم معنيون بذلك، وبكلهم قد أوصى الله بالاحسان إليه.