من لم يطعم الماء من ذلك النهر والهاء في قوله: فمن شرب منه وفي قوله: ومن لم يطعمه عائدة على النهر، والمعنى لمائه. وإنما ترك ذكر الماء اكتفاء بفهم السامع بذكر النهر لذلك أن المراد به الماء الذي فيه ومعنى قوله: لم يطعمه لم يذقه، يعني: ومن لم يذق ماء ذلك النهر فهو مني، يقول: هو من أهل ولايتي وطاعتي والمؤمنين بالله وبلقائه.
ثم استثنى من قوله: ومن لم يطعمه المغترفين بأيديهم غرفة، فقال: ومن لم يطعم ماء ذلك النهر إلا غرفة يغترفها بيده فإنه مني.
ثم اختلفت القراء في قراءة قوله: إلا من اغترف غرفة بيده فقرأه عامة قراء أهل المدينة والبصرة: غرفة بنصب الغين من الغرفة، بمعنى الغرفة الواحدة، من قولك:
اغترفت غرفة، والغرفة هي الفعل بعينه من الاغتراف. وقرأه آخرون بالضم، بمعنى: الماء الذي يصير في كف المغترف، فالغرفة الاسم، والغرفة المصدر. وأعجب القراءتين في ذلك إلي ضم الغين في الغرفة بمعنى: إلا من اغترف كفا من ماء، لاختلاف غرفة إذا فتحت غينها، وما هي له مصدر وذلك أن مصدر اغترف اغترافة، وإنما غرفة مصدر غرفت، فلما كانت غرفة مخالفة مصدر اغترف، كانت الغرفة التي بمعنى الاسم على ما قد وصفنا أشبه منها بالغرفة التي هي بمعنى الفعل وذكر لنا أن عامتهم شربوا من ذلك الماء، فكان من شرب منه عطش، ومن اغترف غرفة روي. ذكر من قال ذلك:
4460 - حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فشرب القوم على قدر يقينهم. أما الكفار فجعلوا يشربون فلا يروون، وأما المؤمنون فجعل الرجل يغترف غرفة بيده فتجزيه وترويه. * - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده قال:
كان الكفار يشربون فلا يروون، وكان المسلمون يغترفون غرفة، فيجزيهم ذلك.
4461 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم يعني المؤمنين منهم، وكان القوم كثيرا فشربوا منه إلا قليلا منهم، يعني المؤمنين منهم كان أحدهم يغترف الغرفة فيجزيه ذلك ويرويه.