يطلقها لم تحل للأول، وكذلك إن وطئها واطئ بغير نكاح لم تحل للأول لاجماع الأمة جميعا. فإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن تأويل قوله: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا، ثم يجامعها فيه، ثم يطلقها.
فإن قال: فإن ذكر الجماع غير موجود في كتاب الله تعالى ذكره، فما الدلالة على أن معناه ما قلت؟ قيل: الدلالة على ذلك إجماع الأمة جميعا على أن ذلك معناه. وبعد، فإن الله تعالى ذكره قال: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فلو نكحت زوجا غيره بعقب الطلاق قبل انقضاء عدتها، كان لا شك أنها ناكحة نكاحا بغير المعنى الذي أباح الله تعالى ذكره لها ذلك به، وإن لم يكن ذكر العدة مقرونا بقوله: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره لدلالته على أن ذلك كذلك بقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وكذلك قوله: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وإن لم يكن مقرونا به ذكر الجماع والمباشرة والافضاء فقد دل على أن ذلك كذلك بوحيه إلى رسول الله (ص) وبيانه ذلك على لسانه لعباده. ذكر الاخبار المروية بذلك عن رسول الله (ص):
3861 - حدثني عبيد الله بن إسماعيل الهباري، وسفيان بن وكيع، وأبو هشام الرفاعي، قالوا: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: سئل رسول الله (ص) عن رجل طلق امرأته فتزوجت رجلا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها، أتحل لزوجها الأول؟ فقال رسول الله (ص): لا تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عسيلتها وتذوق عسيلته.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي (ص)، نحوه.
3862 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن