غير مخصوص منها مشركة دون مشركة، وثنية كانت أو مجوسية أو كتابية، ولا نسخ منها شئ. ذكر من قال ذلك:
3375 - حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري، قال: ثنا شهر بن حوشب، قال: سمعت عبد الله بن عباس، يقول: نهى رسول الله (ص) عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الاسلام، وقال الله تعالى ذكره: ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله. وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهودية، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانية فغضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه غضبا شديدا حتى هم بأن يسطو عليهما، فقالا: نحن نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لئن حل طلاقهن، لقد حل نكاحهن، ولكن انتزعهن منكم صغرة قماء.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات، وأن الآية عام ظاهرها خاص باطنها لم ينسخ منها شئ، وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها. وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم للمؤمنين من نكاح محصناتهن، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات.
وقد بينا في غير هذا الموضع من كتابنا هذا، وفي كتابنا كتاب اللطيف من البيان أن كل آيتين أو خبرين كان أحدهما نافيا حكم الآخر في فطرة العقل، فغير جائز أن يقضى على أحدهما بأنه ناسخ حكم الآخر إلا بحجة من خبر قاطع للعذر مجيئه، وذلك غير موجود بأن قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب ناسخ ما كان قد وجب تحريمه من النساء بقوله: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن. فإن لم يكن ذلك موجودا كذلك، فقول القائل: هذه ناسخة هذه دعوى لا برهان له عليها، والمدعي دعوى لا برهان له عليها متحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد.
وأما القول الذي روي عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، عن عمر رضي الله عنه