وقال: لما أذهب اللام أعمل فيه الفعل.
وقال بعضهم: أيما مصدر وضع موضع الشرط وموضع أن فتحسن فيها الباء واللام، فتقول: أتيتك من خوف الشر، ولخوف الشر، وبأن خفت الشر فالصفة غير معلومة، فحذفت وأقيم المصدر مقامها. قال: ولو كانت الصفة حرفا واحدا بعينه لم يجز حذفها كما غير جائز لمن قال: فعلت هذا لك ولفلان، أن يسقط اللام.
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت هذه الآية فيه ومن عنى بها، فقال بعضهم: نزلت في المهاجرين والأنصار، وعنى بها المجاهدون في سبيل الله. ذكر من قال ذلك:
3173 - حدثنا الحسين بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله قال: المهاجرون والأنصار.
وقال بعضهم: نزلت في رجال من المهاجرين بأعيانهم. ذكر من قال ذلك:
3174 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله قال: نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري جندب بن السكن أخذ أهل أبي ذر أبا ذر، فانفلت منهم، فقدم على النبي (ص)، فلما رجع مهاجرا عرضوا له، وكانوا بمر الظهران، فانفلت أيضا حتى قدم على النبي عليه الصلاة والسلام. وأما صهيب فأخذه أهله، فافتدى منهم بماله، ثم خرج مهاجرا فأدركه منقذ بن عمير بن جدعان، فخرج له مما بقي من ماله، وخلى سبيله.
3175 - حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الآية، قال: كان رجل من أهل مكة أسلم، فأراد أن يأتي النبي (ص) ويهاجر إلى المدينة، فمنعوه وحبسوه، فقال لهم: أعطيكم داري ومالي وما كان لي من شئ فخلوا عنى فألحق بهذا الرجل فأبوا. ثم إن بعضهم قال لهم: خذوا منه ما كان له من شئ وخلوا عنه ففعلوا، فأعطاهم داره وماله، ثم خرج فأنزل الله عز وجل على النبي (ص) بالمدينة: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله الآية فلما دنا من المدينة تلقاه عمر في رجال، فقال له عمر: ربح البيع، قال: وبيعك فلا يخسر، قال: وما ذاك؟ قال: أنزل فيك كذا وكذا.
وقال آخرون: بل عنى بذلك كل شار نفسه في طاعة الله وجهاد في سبيله أو أمر بمعروف. ذكر من قال ذلك: