كان أو غير محرم، وكذلك حرم التنابز بالألقاب في حال الاحرام وغيرها بقوله: ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب وحرم على المسلم سباب أخيه في كل حال فرض الحج أو لم يفرضه. فإذ كان ذلك كذلك، فلا شك أن الذي نهى الله عنه العبد من الفسوق في حال إحرامه وفرضه الحج هو ما لم يكن فسوقا في حال إحلاله وقبل إحرامه بحجه كما أن الرفث الذي نهاه عنه في حال فرضه الحج، هو الذي كان له مطلقا قبل إحرامه لأنه لا معنى لان يقال فيما قد حرم الله على خلقه في كل الأحوال: لا يفعلن أحدكم في حال الاحرام ما هو حرام عليه فعله في كل حال، لان خصوص حال الاحرام به لا وجه له وقد عم به جميع الأحوال من الاحلال والاحرام. فإذ كان ذلك كذلك، فمعلوم أن الذي نهى عنه المحرم من الفسوق فخص به حال إحرامه، وقيل له: إذا فرضت الحج فلا تفعله، هو الذي كان له مطلقا قبل حال فرضه الحج، وذلك هو ما وصفنا وذكرنا أن الله جل ثناؤه خص بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه مما نهاه عنه من الطيب واللباس والحلق وقص الأظفار وقتل الصيد، وسائر ما خص الله بالنهي عنه المحرم في حال إحرامه.
فتأويل الآية إذا: فمن فرض الحج في أشهر الحج فأحرم فيهن. فلا يرفث عند النساء فيصرح لهن بجماعهن، ولا يجامعهن، ولا يفسق بإتيان ما نهاه الله في حال إحرامه بحجه، من قتل صيد، وأخذ شعر، وقلم ظفر، وغير ذلك مما حرم الله عليه فعله وهو محرم.
القول في تأويل قوله تعالى: ولا جدال في الحج.
اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: النهي عن أن يجادل المحرم أحدا.
ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال بعضهم: نهى عن أن يجادل صاحبه حتى يغضبه.
ذكر من قال ذلك: 2938 - حدثنا عبد الحميد بن بيان، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: ولا جدال في الحج قال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه.
2939 - حدثنا عبد الحميد، قال: ثنا إسحاق، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، قال: سألت ابن عباس، عن الجدال، فقال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه.