عن الاحلال من إحرامه بحلاقه، حتى يبلغ الهدي الذي أباح الله له الاحلال جل ثناؤه بإهدائه محله.
ثم اختلف أهل العلم في محل الهدي الذي عناه الله جل اسمه الذي متى بلغه كان للمحصر الاحلال من إحرامه الذي أحصر فيه. فقال بعضهم: محل هدي المحصر الذي يحل به ويجوز له ببلوغه إياه حلق رأسه، إذا كان إحصاره من خوف عدو منعه ذبحه إن كان مما يذبح، أو نحره إن كان مما ينحر، في الحل ذبح أو نحر أو في الحرم (حيث حبس)، وإن كان من غير خوف عدو فلا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة. وهذا قول من قال: الاحصار إحصار العدو دون غيره. ذكر من قال ذلك:
2674 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس أنه بلغه أن رسول الله (ص) حل هو وأصحابه بالحديبية، فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم، وحلو من كل شئ قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي. ثم لم نعلم أن رسول الله (ص) أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا، ولا أن يعودوا لشئ.
2675 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني مالك، عن نافع: أن عبد الله بن عمر خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة، فقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله (ص). فأهل بعمرة من أجل أن النبي كان أهل بعمرة عام الحديبية. ثم إن عبد الله بن عمر نظر في أمره فقال: ما أمرهما إلا واحد. قال: فالتفت إلى أصحابه فقال:
ما أمرهما إلا واحد، أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة. قال: ثم طاف طوافا واحدا، ورأى أن ذلك مجز عنه وأهدى. قال يونس: قال ابن وهب: قال مالك: وعلى هذا الامر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر نبي الله (ص) وأصحابه. فأما من أحصر بغير عدو فإنه لا يحل دون البيت. قال: وسئل مالك عمن أحصر بعدو وحيل بينه وبين البيت، فقال:
يحل من كل شئ، وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء إلا أن يكون لم يحج قط، فعليه أن يحج حجة الاسلام.