النبي (ص) سن فيها ما سن، وأنزل الله تبارك وتعالى في حكمها ما بين من الاحلال والقضاء الذي فعله (ص)، ففيها الاحصار دون الحج هل بينها وبينه فرق؟ ثم يعكس عليه القول في ذلك، فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله.
القول في تأويل قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك.
يعني بذلك جل ثناؤه فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي، ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله إلا أن يضطر إلى حلقه منكم مضطر، إما لمرض، وإما لاذى برأسه، من هوام أو غيرها، فيحلق هنالك للضرورة النازلة به وإن لم يبلغ الهدي محله، فيلزمه بحلاق رأسه وهو كذلك، فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
2701 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: ما أذى من رأسه؟ قال: القمل وغيره، والصداع، وما كان في رأسه.
وقال آخرون: لا يحلق إن أراد أن يفتدي الحج بالنسك أو الاطعام إلا بعد التكفير، وإن أراد أن يفتدي بالصوم حلق ثم صام. ذكر من قال ذلك:
2702 - حدثنا عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن أشعث، عن الحسن، قال: إذا كان بالمحرم أذى من رأسه فإنه يحلق حين يبعث بالشاة، أو يطعم المساكين، وإن كان صوم حلق ثم صام بعد ذلك. ذكر من قال ذلك:
2703 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: إذا أهل الرجل بالحج فأحصر بعث بما استيسر من الهدي شاة، فإن عجل قبل أن يبلغ الهدي محله، فحلق رأسه، أو مس طيبا أو تداوى، كان عليه فدية من صيام، أو صدقة، أو نسك. قال إبراهيم: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: كذلك قال ابن عباس.
2704 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي قال: من أحصر بمرض أو كسر