خارجا من جملة ما احتمله ظاهر التنزيل، ويكون سائر الأشياء غيره مجزئا إذا أهداه المهدي بعد أن يستحق اسم هدي.
فإن قال قائل: فإن الذين أبوا أن تكون الشاة مما استيسر من الهدي بأنه لا يستحق اسم هدي كما أنه لو أهدى دجاجة أو بيضة لم يكن مهديا هديا مجزئا؟ قيل: لو كان في المهدي الدجاجة والبيضة من الاختلاف نحو الذي في المهدي الشاة لكان سبيلهما واحدة في أن كل واحد منهما قد أدى ما عليه بظاهر التنزيل إذا لم يكن أحد الهديين يخرجه من أن يكون مؤديا بإهدائه ما أهدى من ذلك مما أوجبه الله عليه في إحصاره. ولكن لما أخرج المهدي ما دون الجذع من الضأن والثني من المعز والإبل والبقر فصاعدا من الأسنان من أن يكون مهديا ما أوجبه الله عليه في إحصاره أو متعته بالحجة القاطعة العذر، نقلا عن نبينا (ص) وراثة، كان ذلك خارجا من أن يكون مرادا بقوله: فما استيسر من الهدي وإن كان مما استيسر لنا من الهدايا.
ولما اختلف في الجذع من الضأن والثني من المعز، كان مجزئا ذلك عن مهديه لظاهر التنزيل، لأنه مما استيسر من الهدي.
فإن قال قائل: فما محل ما التي في قوله عز وجل: فما استيسر من الهدي؟
قيل: رفع.
فإن قال: بماذا؟ قيل: بمتروك، وذلك فعليه لان تأويل الكلام: وأتموا الحج والعمرة أيها المؤمنون لله، فإن حبسكم عن إتمام ذلك حابس من مرض أو كسر أو خوف عدو فعليكم لاحلالكم إن أردتم الاحلال من إحرامكم ما استيسر من الهدي.
وإنما اخترنا الرفع في ذلك، لان أكثر القرآن جاء برفع نظائره، وذلك كقوله: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام وكقوله: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وما أشبه ذلك مما يطول بإحصائه الكتاب، تركنا ذكره استغناء بما ذكرنا عنه. ولو قيل موضع ما نصب بمعنى: فإن أحصرتم فأهدوا ما استيسر من الهدي، لكان غير مخطئ قائله.
وأما الهدي فإنه جمع واحدها هدية، على تقدير جدية السرج، والجمع الجدي مخفف.