الربيع قوله: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فكانوا لا يقاتلونهم فيه، ثم نسخ ذلك بعد، فقال: قاتلوهم حتى لا تكون فتنة.
وقال بعضهم: هذه آية محكمة غير منسوخة. ذكر من قال ذلك:
2545 - حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فإن قاتلوكم في الحرم، فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين لا تقاتل أحدا فيه أبدا، فمن عدا عليك فقاتلك فقاتله كما يقاتلك.
وقرأ ذلك عظم قراء الكوفيين: ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم بمعنى: ولا تبدأوهم بقتل حتى يبدأوكم به. ذكر من قال ذلك:
2546 - حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي حماد، عن حمزة الزيات قال: قلت للأعمش: أرأيت قراءتك: ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم، إذا قتلوهم كيف يقتلونهم؟ قال: إن العرب إذا قتل منهم رجل قالوا:
قتلنا، وإذا ضرب منهم رجل قالوا ضربنا.
وأولى هاتين القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * لان الله تعالى ذكره لم يأمر نبيه (ص) وأصحابه في حال إذا قاتلهم المشركون بالاستسلام لهم حتى يقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن له ولهم بقتالهم، فتكون القراءة بالاذن بقتلهم بعد أن يقتلوا منهم أولى من القراءة بما اخترنا. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أنه قد كان تعالى ذكره أذن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قبل أن يقتلوا منهم قتيلا، وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا.
وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة وقوله:
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ونحو ذلك من الآيات.
وقد ذكرنا بعض قول من قال هي منسوخة، وسنذكر قول من حضرنا ذكره ممن لم يذكر.
2547 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن