ألقيت كان صوابا. قال: والعرب تدخلها في كلامها على إضمار فعل بعدها، ولا تكون شرطا للفعل الذي قبلها وفيها الواو، ألا ترى أنك تقول: جئتك لتحسن إلي، ولا تقول:
جئتك ولتحسن إلي، فإذا قلته فأنت تريد: ولتحسن جئتك. قال: وهذا في القرآن كثير، منه قوله: (ولتصغى إليه أفئدة) (1) وقوله: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) (2) لو لم تكن فيه الواو كان شرطا على قولك:
أريناه ملكوت السماوات والأرض ليكون، فإذا كانت الواو فيها فلها فعل مضمر بعدها، و (ليكون من الموقنين) أريناه. وهذا القول أولى بالصواب في العربية، لان قوله: ( ولتكملوا العدة) ليس قبله لام بمعنى التي في قوله: (ولتكملوا العدة) فتعطف بقوله: ( ولتكملوا العدة) عليها، وإن دخول الواو معها يؤذن بأنها شرط لفعل بعدها، إذ كانت الواو لو حذفت كانت شرطا لما قبلها من الفعل.
القول في تأويل قوله تعالى: (ولتكبروا الله على ما هداكم).
يعني تعالى ذكره: ولتعظموا الله بالذكر له بما أنعم عليكم به من الهداية التي خذل عنها غيركم من أهل الملل الذين كتب عليهم من صوم شهر رمضان مثل الذي كتب عليكم فيه، فضلوا عنه بإضلال الله إياهم، وخصكم بكرامته فهداكم له، ووفقكم لأداء ما كتب الله عليكم من صومه، وتشكروه على ذلك بالعبادة له. والذكر الذي خصهم الله على تعظيمه به التكبير يوم الفطر فيما تأوله جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
2378 - حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن داود بن قيس، قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: (ولتكبروا الله على ما هداكم ) قال: إذا رأى الهلال، فالتكبير من حين يرى الهلال حتى ينصرف الامام في الطريق والمسجد إلا أنه إذا حضر الامام كف فلا يكبر إلا بتكبيره.
2379 - حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان يقول: (ولتكبروا الله على ما هداكم) قال: بلغنا أنه التكبير يوم الفطر.
2380 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كان ابن عباس يقول: حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم، لان الله تعالى ذكره يقول: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) قال ابن زيد: