وصدقوا بهما وأقروا. ويعني بقوله: كتب عليكم الصيام فرض عليكم الصيام، والصيام مصدر من قول القائل: صمت عن كذا وكذا، يعني كففت عنه، أصوم عنه صوما وصياما، ومعنى الصيام: الكف عما أمر الله بالكف عنه ومن ذلك قيل: صامت الخيل إذا كفت عن السير، ومنه قول نابغة بن ذبيان:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما ومنه قول الله تعالى ذكره إني نذرت للرحمن صوما يعني صمتا عن الكلام.
وقوله كما كتب على الذين من قبلكم يعني: فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين من قبلكم.
ثم اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله: كما كتب على الذين من قبلكم وفي المعنى الذي وقع فيه التشبيه بين فرض صومنا وصوم الذين من قبلنا، فقال بعضهم:
الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا أنه كمثل الذي كان عليهم هم النصارى، وقالوا: التشبيه الذي شبه من أجله أحدهما بصاحبه هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضه. ذكر من قال ذلك:
2235 - حدثت عن يحيى بن زياد، عن محمد بن أبان، عن أبي أمية الطنافسي، عن الشعبي أنه قال: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه فيقال من شعبان ويقال من رمضان، وذلك أن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا فحولوه إلى الفصل، وذلك أنهم كانوا ربما صاموه في القيظ يعدون ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالثقة من أنفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الآخر يستن سنة القرن الذي قبله حتى صارت إلى خمسين، فذلك قوله: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم.