وانغمسوا حتى الأذقان في الغفلة والغرور والذنوب من أجلهما، ومن جملتها ما يلي:
1 - نقل في (سفينة البحار) عن كتاب (النصائح) ما نصه: (عندما اشتد مرض هارون الرشيد في خراسان أمر بإحضار طبيب من طوس، ثم أوصى أن يعرض إدراره مع إدرار قسم من المرضى والأصحاء على الطبيب، ففحص الطبيب قناني الإدرار الواحدة بعد الأخرى، حتى وصل إلى القنينة التي فيها إدرار هارون الرشيد، وبدون أن يعلم من صاحب إدرار هذه القنينة قال: قولوا لصاحب هذه القنينة أن يوصي، لأن قواه قد انهدت وبنيته قد هدمت، فعند سماع هارون هذا الكلام يئس من حياته، وتلا هذه الأبيات الشعرية:
إن الطبيب بطبه ودوائه * لا يستطيع دفاع نحب قد أتى ما للطبيب يموت بالداء الذي * قد كان يبرئ مثله فيما مضى وفي هذه الأثناء سمع الناس يتداولون خبر موته، ولكي يبطل مفعول هذه الإشاعة، أمر باستحضار دابة، وطلب أن يركب عليها، وعندما امتطى الدابة ضعفت أرجلها عن حمله، قال: أنزلوني، فإن الذي أشاع هذه الشائعة قد صدق. ثم أمر بجلب أكفان له، واختار كفنا منها نال إعجابه، وقال احضروا لي قبرا بالقرب من فراشي هذا، ثم نظر إلى قبره، وتلا هذه الآيات: ما أغنى عنى ماليه، هلك عني سلطانيه (1).
2 - ونقل - أيضا - في نفس المصدر عن العالم الكبير (الشيخ البهائي) ما نصه هكذا: (كان هنالك رجل كثير الحساب لنفسه واسمه (توبة)، حول عمره البالغ ستين عاما إلى أيام فكان مجموعها (21500) وعند ذلك قال: يا ويلي إذا لم أكن قد أذنبت في اليوم إلا ذنبا واحدا فإن مجموع ذنوبي الآن يربو على واحد