ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية (1).
نعم، في ذلك اليوم العظيم، يوم البعث ويوم البروز والظهور، يوم الحساب والمحكمة الإلهية العظيمة، حيث تتوضح وتنكشف حقيقة الأعمال القبيحة والسيئة للإنسان.. وعندما يواجهها يبدأ يجأر ويصرخ ويطلق الزفرات الساخنة المتلاحقة من الأعماق على المصير السئ الذي أوصل نفسه إليه، والشر الذي جلبه عليها، ويتمنى أن يقطع علاقته بماضيه الأسود تماما، ويتمنى أن يموت ويفنى ويتخلص من هذه الفضيحة الكبيرة المهلكة، ويعبر عن هذا الشعور قوله تعالى: ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (2) وذكرت تفاسير أخرى - أيضا - لمعنى قوله: يا ليتها كانت القاضية منها أن المقصود من (القاضية) هي الموتة الأولى، يعني يا ليتنا لم نحي مرة أخرى ونبعث من جديد، في حين كان أقبح شئ في نظرهم هو الموت، ويتمنى هؤلاء أن لو استمر موتهم ولم يواجهوا الخزي في حياتهم الثانية في المحكمة الإلهية العادلة.
وقيل أن المقصود من " القاضية " (نفخة الصور) الأولى حيث عبر عنها ب (القارعة) أيضا، ويعني ذلك تمنيهم عدم حدوث النفخة الثانية، لذا فهم يقولون: يا ليت لم تكن هذه النفخة، إلا أن التفسير الذي تحدثنا عنه في البداية أنسب من الجميع.
ثم يضيف تعالى مستعرضا اعتراف المجرمين بذنوبهم فيقول: ما أغنى عني ماليه فالأموال التي كنت أجمعها في الدنيا لم تنقذني الآن ولم تعني ولم